قبل أيام عثرت بالصدفة على لقطة فيديو صورتها قبل سنوات لجزيرة "جيمس بوند" في تايلند.. وهي جزيرة أصبحت مشهورة عالميا بعد ظهورها في فيلم "المسدس الذهبي" عام 1974.. وسيتعرف عليها معظمكم في حال أدخل اسمها الأصلي في جوجل Khao Phing Kan.
وبفضل ظهورها في هذا الفيلم (ولا يخفى عليكم شهرة أفلام جيمس بوند) اشتهرت على مستوى العالم وأصبحت قبلة السياح في تايلند، رغم أن مساحتها لا تتجاوز ملعب كرة التنس!!
حينها فقط خطر ببالي كتابة هذا المقال الغريب..
مقال عن مواقع عالمية اشتهرت بفضل الأفلام السينمائية.. عن مواقع ودول لم تكن معروفة ولكنها تحولت الى مزار سياحي بعد ظهورها في السينما..
أما تجربتي الثانية فكانت في النمسا حين خيرني المرشد السياحي بين ركوب أحد باصين؛ الباص الأول يذهب في جولة على البحيرات الجميلة المحيطة بمدينة سالزبيرج، والثاني يذهب في جولة على خطى الممثلين في فيلم شهير يدعى "صوت الموسيقى" أو Sound of Music.. ولأنني وقعت في حيرة أخّرت الباص الثاني لأنه فقط كان الأكثر امتلاءً بالسياح.. ورغم أن الفيلم صُور عام 1965 (أي قبل ولادة معظم الركاب) إلا أن صيحات الإعجاب كانت تتعالى كلما توقفنا في موقع سبق وشاهدوه في الفيلم - ولأنني لم أشاهد الفيلم مثلهم لم تعجبني الرحلة وتمنيت لو أخذت الباص الأول!!
● وهذان المثالان يوضحان كيف أصبحت الأفلام جزءا من الصناعة السياحية والترويج للمعالم الوطنية.. فحين بنت ماليزيا "برجي بتروناس" تحملت تكاليف تصوير اللقطات التي ظهرت فيها (في فيلم انترابمنت).. وحين رغبت دبي بتأكيد تفوق "برج خليفة" قدمت عرضا لتصوير فيلم "مهمة مستحيلة 4" وحصلت على لقطة لم تكن أصلا ضمن الفيلم يتسلق فيها توم كروز المبنى من الخارج!!
أيضا هناك موقع البترا في الأردن الذي اشتهر بفضل أفلام كثيرة صورت فيه.. فرغم أنه لا يقارن بعظمة وضخامة مدائن صالح إلا أنه ظهر في أفلام مشهورة مثل لورنس العرب والمتحولون وانديانا جونز ومملكة السماء ولاست كروسايد..
ومن عالمنا العربي أيضا هناك فندق "سيدي بوعزيز" الصحراوي الذي ظهر في فيلم حرب النجوم وأصبح حاليا (رغم بساطته) أحد أبرز المعالم السياحية في تونس..
ولا أتردد في القول أن شهرة مصر السياحية تعود في المقام الأول الى ظهور الاهرامات وتمثال أبي الهول في أكثر من 120 فيلما صورتها هوليوود في مصر - من أقدمها كليوباترا، ومن آخرها المتحولون!
ويمكن القول عموما إن مصر والمغرب والأردن من أكثر المناطق العربية ظهورا في الأفلام الأجنبية.. فحين يحتاج المخرج لخلفية تاريخية أو بيئة صحراوية - أو مواقع تصوير تتعلق بالإسلام والثقافة العربية - فليس أفضل من الانتقال الى احدى الدول العربية..
● ويعد المغرب الأكثر ظهورا في الأفلام السينمائية حيث يصور فيه كل عام مابين 20 الى 30 فيلما عالميا.. فبالإضافة الى التسهيلات المبكرة التي قدمتها الدولة المغاربية، يمتلك المغرب تنوعا بيئيا مدهشا، وتراثا معماريا عريقا (حيث مايزال محتفظا بتراثه المغاربي والأندلسي القديم) ناهيك عن تنوعه الثقافي وسهولة جمع الحشود أمام الكاميرا (مابين عرب وبربر وقبائل الصحراوية).. وكل هذه العوامل ساهمت في ظهوره في أكثر من 68 فيلما أمريكيا و45 فيلما بريطانيا و 56 فيلما أسبانيا - لعل أشهرها فيلم الرسالة وكازبلانكا وطروادة والمومياء والاسكندر الأكبر..!!
أما بخصوصنا نحن فمن الملاحظ أن رفضنا تصوير أي أفلام في السعودية (تتعلق بأحداث وقعت في الجزيرة العربية) لا يمنع المخرجين الأجانب في تصويرها في مواقع عربية مماثلة لبيئتنا.. وحسب تصوري أقدم طلب رفضناه كان تصوير فيلم لورنس العرب عام 1962 (الذي يصور ثورة عرب الحجاز ضد الدولة العثمانية) في حين وقفنا بقوة ضد فيلم الرسالة لدوافع دينية (بل وطلبنا من المغرب إيقاف تصوير الفيلم الأمر الذي دعا طاقم الفيلم للانتقال الى ليبيا) أما فيلم المملكة (الذي انتج عام 2007) فرغم أنه يتعلق بأحداث جرت في السعودية إلا أنه صور في الأردن من قبل ممثلين أردنيين قاموا بأدوار جنود وضباط سعوديين..!!
وفي كل مرة نشاهد فيها هذه الأفلام نكتشف أنها لم تكن محايدة فقط، بل وخسرنا فرصة استغلالها والتأثير عليها لصالحنا!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق