هناك فرق كبير بين العلم وما تعتقد أنت أنه "علم".. بين الحقائق المجربة والمثبتة، وبين ما تعتقد أنت أنه حقائق صحيحة ومثبتة.. بين علوم تراكمت على أسس راسخة، وبين أساطير (أصبحت راسخة) بمرور الزمن وتوارث الأجيال.
فالعلم حقائق مشاهدة ووقائع مجربة تعطي نفس النتيجة مهما كررناها (ويمكن أن تصاغ في النهاية كقوانين ونظريات مجردة).. أما الأساطير فآراء وفرضيات نتناقلها دون براهين واضحة أو تجارب مشاهدة أو نتيجة يمكن تكرارها (وبالتالي لا يمكن وضع قانون أو نظرية تصيغها).
فحين أخبرك مثلا أن "الماء" ينتج من اندماج "ذرة أوكسجين" مع "ذرتي هيدروجين" فهذه ظاهرة مشاهدة ومكررة ويمكنك تجربتها ألف مرة للخروج بنفس النتيجة (لهذا تحولت الى قانون كيميائي).
ولكن حين يخبرك أحدهم بوجود نبع ماء في قازاخستان يعيد للانسان شبابه فهذا ادعاء لا يثبته الواقع ولم يجربه ألف شخص للخروج بنتيجة مشتركة (وبالتالي لا يمكن صياغة قانون أو نظرية تؤكد أن ينابيع المياه هناك تعيد الشباب)!!
أيضا حين يخبرك أحد أن الطائرة ترتفع في الهواء لأن الضغط الجوي فوق الجناح يصبح أقل منه تحت الجناح، فهذه حقيقة مشاهدة وتكررها يوميا آلاف الطائرات.. ولكن حين يدعي أحدهم أن الشيخ الكيلاني (مؤسس الطريقة القادرية) كان يطير كل ليلة من بغداد الى مكة فهذه خرافة تخالف المنطق.. وفي أفضل الأحوال لم يثبت مشاهدتها أو تكرارها أمام الناس!!
.. وبالطبع؛ ليست كل العلوم قابلة للتجربة (ومثال ذلك علم الفلك، أو قواعد اللغة والنحو) ولكن جميعها يجب أن تكون قابلة للرصد والملاحظة للتأكد من وجود النمط وتكرار الحالة.. خذ كمثال مذنب هالي الذي لا يمكن إخضاعه للتجربة ولكن يمكن رصده والتأكد من تكرار دورته كل 76 سنة.. وحين نقول إن الفعل المضارع يُنصب بالفتحة إذا كان صحيحا أو معتل الآخر فهذا لأنه ملاحظ في كلام العرب ومكرر في أشعارهم ومنقولاتهم!!
وقد يقول قائل: ولكن ماذا أفعل حين لا أستطيع التأكد من أي ادعاء (مثل نبع الماء في قازاخستان)!؟
في هذه الحالة إما أن تلجأ للمقارنة والتحليل والتفكير المنطقي (وهذه بالمناسبة من أدوات الفلسفة) أو على الأقل تقف موقف المحايد بحيث لا تصدق ولا تكذب ما تسمع.. كما وجه النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الذين سألوه عن الأساطير التي يسمعونها من أهل الكتاب فقال لهم: "لا تُصدقوهم ولا تُكذبوهم وقولوا: آمنَّا بالذي أنزل إلينا وأُنزل إليكم وإلهُنا وإلهكم واحد"!!
والآن؛ استرجع معي أفكارك وقناعاتك الخاصة واكتبها في ورقتين.. في الأولى ضع ما يمكن تصنيفه كعلم، وفي الثانية ما يمكن تصنيفه كأسطورة.. واحتفظ بالنتيجة لنفسك!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق