الأربعاء، 8 يناير 2020

سبعة أسباب لنشر الثقافة الجنسية في المدارس


القضية محرجة بلا شك حتى لأكثر الآباء انفتاحاً.. ولكن هذا لا يعني تجاهلها أو الصمت حيالها كونها حقيقة وواقعاً وطريقة استمرارنا في الدنيا.. فالأسوأ من الصمت حيالها هو ترك هذه المهمة لأشخاص غرباء - لا تضمن سلامة نيتهم - يتحدثون مع أطفالك نيابة عنك (وفهمك كفاية)!

وأنا شخصياً أملك أسباباً كثيرة للمطالبة بوجود منهج مدرسي (أو على الأقل حصص استثنائية) للثقافة الجنسية يتولاها معلمون أفاضل يتحملون هذا العبء عن الوالدين..
ومن أهم الأسباب التي تدعوني لتقديم هذا الاقتراح الأسباب التالية:

1- ان مخاطر الجنس (من أمراض وحمل واستغلال) تأتي بسبب الجهل وعدم الفهم وليس بسبب المعرفة والاطلاع والتحذير المسبق.. هناك إحصائية عالمية تشير إلى أن الدول الاسكندنافية التي تُدرس هذا الموضوع في مدارسها تقل لديها نسبة الإجهاض والأمراض وحمل المراهقات واستغلال الأطفال مقارنة ببقية الدول..

2- ان الجنس غريزة قوية وطاغية لن تخفى على ابنك وابنتك لأنك (فقط) قررت تجاهل الحديث عنها.. ولأنها غريزة قوية وملحة لن يتوقف أبناؤك عن التساؤل حولها والاطلاع عليها بأي وسيلة كانت.. ولأنهم يعيشون هذه الأيام تحت قصف إعلامي مفتوح (سواء من النت أو المحطات الفضائية أو البرامج الإلكترونية) يفترض أن تكون السبّاق في الحديث عنها.. قبل أن يسبقك شخص غريب..

3- وأرى شخصياً أن الحديث بهذا الشأن يجب أن يتم في سن مبكرة مع الطفل لسببين رئيسيين: الأول أنه أسهل للوالدين وأقل إحراجاً للإبن.. والثاني لأن الأطفال (وليس المراهقين أو الشباب) هم غالباً من يتم استغلالهم جنسياً بسبب جهلهم وبراءتهم - وأسأل من حولك عن أقدم ذكرياتهم بهذا الخصوص..

4- وفي حين يعتقد بعض الآباء أن تزويد الأبناء بمعلومات كثيرة عن الجنس يشجعهم على السعي إليه اتضح لمنظمة الصحة العالمية (من خلال متابعة 35 برنامجاً لتدريس هذه المادة في دول العالم) أنها على العكس تماماً جعلتهم أكثر حرصاً وحذراً من تداعياته السيئة - بل وأكثر استعداداً لإخبار والديهم بمشاكلهم الخاصة!!

5- وتدريس الجنس بطريقة تربوية أمينة لا ينعكس فقط على مستقبل الأبناء والأسرة، بل وينعكس بطريقة حميدة على المجتمع ككل.. فمن خلال دراسة منظمة الصحة السابقة (ومن خلال تجارب الدول الاسكندنافية) اتضح فعلاً أن أفضل وسيلة لمكافحة الدعارة، والاستغلال، الأمراض الجنسية، ووجود اللقطاء في المجتمع؛ هي التوعية بالأسباب التي ساهمت في ظهورها أصلاً!

6- وحتى لو افترضنا أن ابنك كبر وأصبح - لا قدر الله - عاصياً ومتجاوزاً فإنه على الأقل يصبح بمأمن من الأمراض الجنسية، والعلاقات غير السوية، والذرية غير الشرعية، وبالتالي لا ينقصه غير التوبة والاستغفار.. وفي المقابل كم تائب تحمل (حتى بعد توبته وهدايته) تداعيات الماضي بسبب الجهل وقلة المعرفة وصمت الوالدين في طفولته!

7- وأخيراً؛ لاحظ أنني أتحدث (منذ البداية) عن إسناد هذه المهمة إلى معلمين مؤتمنين، ومعلمات فاضلات.. إلى تعليم طلابنا من خلال منهج يُجمع عليه خبراء الشرع والنفس - وبطريقة تزيح هذا العبء عن الوالدين وتسمح للطلاب بالحديث عنه بحرية ضمن حلقات نقاش جادة!

.. أيها السادة من لا يعرف الباطل يوشك أن يقع فيه، ومن يتجاهل المشكلة يتحمل تداعياتها لاحقاً.. وطالما اعترفنا بأن الجنس حقيقة واقعة، وغريزة غالبة، وسنة الله في خلقه؛ لا أتردد في تذكيركم بأن أطفالنا (إن لم يتعلموا عنه في المدارس) سيتعلمون عنه من خلال النت وأصدقاء السوء واستغلال غير الأسوياء لهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...