الأحد، 5 يناير 2020

هل تشمّ الكلاب الأمراض !؟


.. في العصور القديمة حين لم تكن تقنيات الكشف الطبي بتقدم اليوم كان الأطباء يعتمدون بصورة أكبر على حواسهم ومهاراتهم في تشخيص المرض.. كانوا يترصدون أي تغيرات في شكل اللسان أو لون العين أو بنية الأظفار أو تغير الصوت أو سقوط الشعر لتخمين نوعية المرض..

والأغرب من هذا كانوا يعتمدون على شم مرضاهم (ولا سيما مرضى الحميات) حيث كان معروفا ان مريض الطاعون تنبعث من إبطه رائحة العسل الأسود، ومريض التيفوئيد رائحة الخبز الطازج، ومريض السكر خصوصا لدى الصائمين منهم رائحة الثوم أو الأسيتون.. أما مريض الحصبة فتنبعث منه رائحة الريش المبلول، والجدري رائحة العجين، ومريض الكبد رائحة الكبريت.. وهي الرائحة التي تنبعث أيضا من مرضى الأسنان واللثة !

واليوم تحاول كليات الطب في الصين وكوريا إعادة هذه المهارة القديمة وتنميتها لدى أطباء المستقبل..

ومن الصور المنفرة التي ما تزال عالقة في ذهني مجموعة من طلاب الطب يشمون آباط مرضاهم في محاولة لتشخيص أمراضهم بمجرد الرائحة.. وبعد أن كان هذا الأسلوب شائعا في آسيا تحاول اليوم بعض الكليات الغربية إدراجه ضمن أدوات التشخيص المهمة لدى الأطباء الجدد..

وكان الأطباء في كلية أمبريال كولج في انجلترا قد طوروا جهازا اكثر تحضرا يشخص المرض بتحليل رائحة الفم؛ وهو جهاز يعتمد على تقنية مشابهة للتي تستعملها الشرطة لكشف الكحول في زفير السائقين (الا انه قادر على تمييز عناصر اكثر)؛ فمن خلال نفخ المريض في قربة صغيرة يتعرف الجهاز على العديد من الأمراض التي تعمل على تغيير رائحة الفم مثل قصور الكبد وفشل الكلى والسكري والربو .. كما يستطيع الجهاز تحديد الفرق بين امراض الفيروسات والبكتيريا والتفريق بين السلالات المختلفة لنزلات البرد !!

ومن جهة أخرى؛ جميعنا يعرف أن الكلاب تتميز بحاسة شم قوية تتيح لها رصد وتتبع اضعف الروائح بعد ايام من حدوثها.. بل انها تتميز بحاسة شم تفوق الانسان بمئة ألف مرة ناهيك عن قدرتها على شك الروائح في الشهيق والزفير (وليس مثلنا مثلا في الشهيق فقط).. وهذه القدرة العجيبة جعلت منها افضل سلاح يستعين به رجال الجمارك لكشف المخدرات ورجال الشرطة لمطاردة الهاربين.. أما في عالم الطب فلم يفكر احد بالاستعانة بها حتى لاحظ احد الاطباء (كما شاهدت في قناة ديسكفري) ان كلبه يهرب من العيادة كلما دخل عليه مريض بالسرطان.. وحين ذكر هذه الملاحظة لبعض العلماء في جامعة ميرلاند وضعوا خطة للتأكد من قدرة الكلاب على كشف الأورام السرطانية العميقة.. فمن المعروف ان هذه الاورام تنمو بصمت في اعضاء الجسم الداخلية. وقد لايلاحظ المريض وجودها الا بعد سنوات وفي مرحلة قد يصل فيها الى نقطة اللاعودة. واذا ثبت قدرة الكلاب على (شم) هذه الاورام فستكون نقلة كبيرة لعلاج المرض في مراحلة الأولى!

وفي الحقيقة؛ من غير المفهوم الى الآن كيف يمكن للكلاب شم الاورام السرطانية داخل الجسم (وهل تعتمد فعلا على حاسة الشم ام على احساس خارق من نوع آخر) ولكنني بدأت أتساءل عن إمكانية تدريبها أيضا على "شم" المجرمين والمهربين .. وأنا لا أمزح هنا كون الإنسان يفرز رائحة مميزة حين يخاف أو يقلق أو يتردد عند اقترابه من نقاط التفتيش !!

وشم نفسك بعد كل مرة يعبثون فيها بحقائبك..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...