الأحد، 5 يناير 2020

من منكم فتح حساب ادخار لأطفاله؟


لا شك أن مجتمعنا السعودي يفتقد ظاهرة الادخار، ويسود لديه الطابع الاستهلاكي المفرط.. أذكر أنني شاهدت على قناة العربية لقاء مع مدير بنك التسليف والادخار أكد فيه هذه المفارقة وقال ان متوسط الدخل الشهري للأسرة في السعودية يصل إلى 13ر ألف ريال ما يتيح نسبة ادخار تصل الى 30% (علما أن متوسط الادخار في اليابان يتجاوز 40%).

وبحسب بنك التسليف لا يبقى الكثير من رواتب المواطنين بنهاية الشهر في حين تحتل المشتريات والخدمات الشخصية أعلى نسبة إنفاق من دخل الأسرة السعودية بنحو 22% تليها ملحقات السكن من ايجار وفواتير تشكل 19%

وكنت شخصيا قد نشرت مقالا تساءلت فيه عن دخل المواطن السعودي وأين يذهب مقارنة ببقية العالم .. وقبل الدخول في التفاصيل أشير الى أن معدل الإنفاق عموما يزداد بازدياد تحضر المجتمع وارتفاع مستوى التعليم للوالدين.. أما إن أردنا تفصيلا أكثر فنجد أن الأسرة اليابانية تنفق أعلى نسبة من مداخيلها على التعليم (يليهم الكوريون الجنوبيون والتايوانيون وسكان هونج كونج). أما الأميركان فأكبر نسبة من مداخيلهم تذهب للاتصالات ووسائل النقل.. أما الفرنسيون فاهتمامهم الأكبر انصب على شؤون الإسكان والصحة ولوازم الشياكة.. أما الألمان فيبدو أن جديتهم في العمل تسببت في رد فعل يتمثل في إنفاق نسبة كبيرة من مداخيلهم على وسائل الترف واقتناء أرقى المنتجات الحديثة.. ويتفوق البريطانيون في الشراء من الانترنت في حين يتساوون مع الألمان في الإنفاق على الأثاث المنزلي!

.. ومهما كانت أولويات الأسرة في الدول الثرية فإن جانبا واحدا فقط (من جوانب صرفها) يتفوق على كامل دخل الأسرة في الدول الفقيرة؛ فالطفل في أميركا مثلا يصرف على الألعاب ستة أضعاف ما يُصرف على تربية الطفل في الباكستان. وفي اليابان تكفي مصاريف الطفل لسد رمق عشر عائلات في سيراليون والسودان.. وقبل أيام فقط قرأت أن تربية الأطفال في بريطانيا أصبحت الأعلى على مستوى أوروبا حيث يكلف ترك الطفل في الحضانة وحده 3600 ريال في الشهر - في حين تكلف نفس الحضانة في الولايات المتحدة 1500 ريال - وكلا المبلغين يفوق مصاريف أي أسرة جنوب الصحراء الكبرى لمدة عام على الأقل..

ورغم أننا في العالم العربي نعاني من شح المعلومات، فمن الواضح أن الأسرة العربية تعاني من خلل رهيب في مفهوم الصرف والادخار؛ ففي حين يتركز معظم اهتمامها على الجانب الاستهلاكي (حيث يتجاوز إنفاقها على الطعام مثلا 45% من مجمل الدخل) لاتدرك أهمية الاستثمار طويل المدى أو فتح حسابات ادخار لأطفالها، أو توفير أقساط الجامعة في سن مبكرة..

وهناك دراسة (قرأتها بجريدة الوطن) تشير الى ان اهتمام العرب يتركز في بطونهم بدليل انفاق الأسرة العربية 45% من دخلها على الطعام.

وأكدت الدراسة التي أعدها الاتحاد العربي للصناعات الغذائية أن مصر تأتي في أول القائمة برقم قياسي بلغ 52% من دخل العائلة، يليها العراق ب49% ، ثم سورية ب48% ثم لبنان 44% ثم الأردن ب40% في حين تأتي السعودية في المركز الثامن ب32% واليمن في المركز الأخير ب16% (في حين يستقطع القات 40% من دخل الأسر الفقيرة أصلا)..

.. أيها السادة ؛

شعورنا بنقص المال لا يحله رفع دخلك أو راتبك الشهري (فقد جربت كثيرا كيف تزداد احتياجاتك بازدياد راتبك) الحل الحقيقي يكمن في قدرتك على الادخار منه سواء زاد أو نقص!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...