الأحد، 5 يناير 2020

كوكب النفسيات


جميعنا عانى من مشاكل نفسية شائعة كالاكتئاب والتوتر والقلق وربما الهلع المرضي.. وجميعنا تعرض لمحاولات إصابته بمشاكل نفسية شائعة كالاكتئاب والتوتر والقلق وغسيل الدماغ.. غير أن هناك فرقاً مهماً بين "المرض النفسي" و"العرض النفسي" ينبغي معرفته أولاً.. فالعرض النفسي حالة مؤقتة ومتوقعة تصيب جميع الناس؛ فالقلق والتوتر والإرهاق العصبي مثلاً حالات نمر بها كلنا وبشكل يومي تقريباً.. في حين أن الأمراض النفسية حالة متقدمة وطويلة بحيث تؤثر على شخصية ونظرة الفرد لنفسه ومجتمعه (وتقدر بنسبة 30% إلى 40% من أي شعب)!!.

والأطباء -فضلا عن عامة الناس- لم يدركوا حقيقة الأمراض العقلية والنفسية -والفرق بينهما- إلا في النصف الأول من القرن العشرين، أما المجتمعات القديمة فاعتبرت الشياطين والعفاريت مسؤولة عن اعتلال صحة المرء العقلية ومشاكله النفسية -ومايزال بعضها كذلك-.

وحسب الأرقام التي قدمتها منظمة الصحة العالمية توجد إلى الآن 78 دولة لا تملك أي سياسة صحية أو منشآت علاجية للأمراض العقلية والنفسية؛ كما لا تملك 37 دولة خططاً واضحة لكشف ومتابعة هذا النوع من الأمراض (ويشكل الاثنان معاً 65% من دول العالم)!!.

ويعد الاكتئاب من أكثر المشاكل النفسية انتشاراً بين الناس كونه يقدر (كعرض) بنسبة 30% و(كمرض) بنسبة 15% من كل شعب.. وكانت صحيفة الواشنطن بوست قد نشرت قبل فترة إحصائية دولية تثبت أن ربع الشعب الأميركي يعاني من اضطرابات نفسية وأمراض عقلية مختلفة، وربع هؤلاء تعد حالتهم "سيئة" ويحتاجون إلى متابعة منتظمة لدى طبيب نفسي متخصص!!.

وهذه الإحصائية الدولية نظمت أساساً لبحث نسبة انتشار الأمراض العقلية (التي تملك فوارق مهمة عن الأمراض النفسية) في 28 دولة مختلفة، ورغم أن عنوان الدراسة تحدث عن انتشار الأمراض العقلية بين شعوب العالم إلا أن قراءتها بالتفصيل تشير إلى أنها تجمع كافة الأعراض والأمراض النفسية التي يمكن ملاحظتها بين جميع الناس (خارج العيادات والمستشفيات المتخصصة)!!.

ومن خلالها اتضح أن 26.4% من المواطنين الأميركان يعانون من مشاكل عقلية ونفسية، مقابل 8.2% في إيطاليا و4.3% في شينغاهاي الصينية مثلا.. وحين انتهت الدراسة كانت قد التقت ب200 ألف مواطن في 28 دولة حول العالم، وأثبتت في النهاية أن ربع الأميركان يعانون من مشاكل نفسية أو عقلية!!.

غير أن بعض الأطباء المشاركين في الدراسة حذروا من أن بعض المواطنين -في العالم العربي على وجه الخصوص- يحملون موقفا مسبقا من المشاكل النفسية والعقلية، وبالتالي قد ينكرون معاناتهم منها.. وفي المقابل لا يتحرج المواطن في السويد وأميركا وكندا -مثلا- من الاعتراف بأي مشكلة نفسية صغيرة يتعرض لها (مما يظهر معدل الإصابة مرتفعاً)!!.

.. ما أعرفه شخصياً أن الصرع وانفصام الشخصية ينتشران في مجتمعاتنا العربية بنسبة متقدمة.. غير أن تربيتنا المتحفظة لا تعترف بوجودهما وتنظر للصرع كمس وتخبط شيطاني (وبالتالي لا يتم تصنيفه كمشكلة طبية)، في حين يعتبر انفصام الشخصية (حالة طبيعية جداً) تتيح لنا التوفيق بين العيش داخل الوطن بوجه.. وخارجه بوجه مختلف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...