الأحد، 5 يناير 2020

ماذا لو تطور القرد أكثر من الإنسان؟


في عام 1963 كتب الأديب الفرنسي بيير يوليه رواية عجيبة بعنوان كوكب القردة.. رواية عزفت على مخاوف الإنسان من استعباده (من قبل مخلوقات أكثر ذكاء) وعلى مفهوم نظرية داروين وما كان سيحدث لو تطورت القرود بشكل أكثر ذكاء من الإنسان..

والقصة من قبيل الخيال العلمي وتدور أحداثها عام 2500 حين تنطلق بعثة علمية نحو كوكب مكتشف حديثاً.. وبعد وصولها إلى الكوكب تكتشف أنه يشبه كوكبنا في كل شيء باستثناء أن سكانه من القرود المتحضرين الذين يستعبدون مخلوقاً بدائياً عاجزاً عن التواصل والكلام يدعى إنساناً.. وبعد مغامرات عديدة يتمكن أفراد البعثة من تنظيم ثورة ضد القرود وخلق توازن مقبول بين النوعين والعودة إلى الأرض ببعض البشر..

ومنذ ذلك الحين عملت رواية بيير كحجر أساس للعديد من الأفلام السينمائية تضمنت خمسة عشر فيلماً حتى الآن.. ورغم الاختلافات البسيطة كانت معظم الأفلام تدور حول فكرة العثور على كوكب تحكمه قردة ذكية متطورة تستعبد البشر وتعاملهم كمخلوقات دنيا متخلفة..

وفي عام 2007 تم إنتاج آخر فيلم حيث يترأس ضابط من وكالة ناسا وحدة تقوم بتدريب قردة ذكية على مهام رجال الفضاء.. وفى أحد التجارب يُفقد أحد القردة في عاصفة كهرومغناطيسية فيصر رائد الفضاء على الذهاب لإنقاذه فينزل على كوكب تحكمه القردة ويعدّ فيه الإنسان مجرد دمية بيد القرود الصغار.. وحين يحاول العودة يطلب منه البشر تخليصهم من عبودية القرود فيقود ثورة ضدهم..

وهذا الفيلم مقتبس بدوره من فيلم أنتج عام 2001 ويتضمن الكثير من عناصر الرواية الأصلية لبيير يوليه. وتدور أحداثه عام 2029 حين يقوم البشر برحلات فضائية بعيدة لاستكشاف كوكب جديد. وهناك يتم أسر قائد البعثة الكابتن ليو من قبل غوريلات ذكية تملك إمبراطورية متقدمة تستعبد البشر وتطاردهم في كل مكان. وبسبب حالة الجهل والتخلف التي يعيشها الناس هناك لم يفكر أي منهم في الاعتراض أو التمرد فيقود الكابتن ليو بنفسه ثورة مسلحة لتعديل هذا الوضع المقلوب.. النهاية الجميلة للفيلم والتي تُميزه عن غيره لا تأتي بانتصار ثورة الإنسان ضد القرود بل في عودة ليو إلى الأرض واكتشاف أن أميركا استعمرت من قبل قردة ذكية (تم تهجينها أثناء غيابه) استعبدت الإنسان وتحكمت بكل مفاصل الحياة!

.. السؤال الذي يهمنا هو:

ما الذي نتعلمه من هذه الرواية، ولماذا مازالت تحظى بالجاذبية رغم كثرة الأفلام وتكرار الصياغة؟

.. نتعلم أن المهم في كتابة الروايات ليس التفاصيل وحبكة السيناريو بل ابتكار فكرة أصيلة ومميزة وغير مسبوقة (وهي في هذه الحالة قردة تطورت بشكل تفوّق على الإنسان).. نتعلم أن الإنسان (سيد المخلوقات على الأرض) مايزال في أعماقه متخوفاً من احتمال وجود مخلوقات فضائية أكثر منه تطوراً قد تستعبده مستقبلاً وتعامله كمخلوق متخلف!

.. ورغم أن بيير ولد قبل علم الوراثة واختراع التلسكوبات الفضائية، يؤكد علم الوراثة (هذه الأيام) حتمية وجود مخلوقات كونية أكثر ذكاء من الإنسان، في حين أتاحت التلسكوبات الفضائية (بمختلف تقنياتها) اكتشاف آلاف الكواكب المشابهة للأرض تقع فيما يعرف بالمنطقة القابلة للحياة..

ومن يدري، قد تكون رواية بيير خيالية هذا العام، ولكنها قد تصبح مؤكدة في عام 2500.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...