الخميس، 2 يناير 2020

أكالة القرى


إن كانت مكة هي أم القرى فإن المدينة هي (أكالة القرى) عطفاً على قول المصطفى صلى الله عليه وسلم (أُمِرْتُ بقرْيَةٍ تأْكُلُ الْقُرَى).. وهو حديث صحيح تنبأ بخروج الفتوحات الإسلامية منها وجلب الأرزاق من القرى المُفتتحة حولها - وكانت العرب تطلق على أي مدينة اسم قرية...

وأكالة القرى (وفي لفظ: آكلة القرى) اسم واحد فقط من أسماء المدينة التي تزيد على 108 أسماء.. ولم أكن شخصياً قد سمعت بهذا الاسم حتى قرأت كتاب وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى للإمام السمهودي (وهو مؤرخ توفي عام 911 ه).. وفي هذا الكتاب يذكر قرابة المئة اسم للمدينة سبق بعضها الإسلام وورد معظمها في الأحاديث أو القرآن الكريم..

ومن المعروف أن كثرة الأسماء تدل على شرف المكان وعلو منزلته.. ومن الأسماء الأخرى التي ذكرها السمهودي للمدينة المنورة ما يلي:

العاصمة (من العصمة كونه لايدخلها الدجال ولا الطاعون) وجزيرة العرب (المقصودة في حديث: إِنّ الشّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعبد فِي جَزِيرَةِ الْعَرَب) ومأزر الإيمان (لحديث إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا) والقاهرة (كونها قهرت البلدان والمدن حولها)، والمحروسة (لحديث الرسول الكريم: المدينة على كل نقب منها ملك يحرسها)، وسيدة البلدان (حيث ناداها لما عاد إلى المدينة يا سيدة البلدان)، والجبّارة (نقلاً عن كتاب أخبار النواحي)، ودار الفتح (حيث فتحت منها البلدان والأمصار)، ودار الإيمان وقبة الاسلام وأرض الهجرة ومبوأ الحلال والحرام (وجميعها وردت في الحديث الصحيح: المدينة قبة الإسلام، ودار الإيمان، وأرض الهجرة، ومبوأ الحلال والحرام).

أيضا تدعى المدينة المنورة بأرض الله (حيث ذكر السمهودي أنها المقصودة في قوله تعالى: ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها)، والبرة والبارّة (لبرها بالرسول وصحبه المهاجرين)، والبحيرة (حيث جاء في قصة عبدالله بن سلول: اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه)، والبلاط (لكثرة طرقاتها المفروشة بالحجارة)، والعذراء (كون أحد لم يغزها)، وبيت الرسول (عطفا على قوله تعالى: كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ)، ودار الهجرة ودار السلامة ودار السنة (لقول الرسول: إنها دار الهجرة والسنة والسلامة)، وذات الحجر (كونها مجمع للحجرات الطاهرة)، وذات النخل وذات الحرار (لحديث: أرأيت دار هجرتي ذات نخل وحرة)..

أيضا اتفق المفسرون على أنها البَلَد المقصود في الآية الكريمة (لا أقسم بهذا البلد)، والحبيبة والمحبوبة (لقول رسول الله: اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة أو أشدّ)، والحرم (لقوله: المدينة حرمُ)، وبلد الخير (لقوله: المدينة خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون)، والشافية (لقوله: ترابها شفاء من كل داء)، وطيبة وطائب وطابة (حيث جاء في الحديث: إن الله سمّى المدينة طابة وفي لفظ طيبة) والجُنة الحصينة (عطفا على قول الرسول في غزوة أحد: أنا في جُنّة حصينة)، وحرم الرسول (عطفا على قوله: حَرَمُ إبراهيم مكة وحَرَمي المدينة)، والمجبورة (كونها مثوى الجسد الطاهر)، والدّار (من قوله تعالى: والذين تبوّأوا الدار والإيمان من قبلهم)، والفاضحة والطاردة (كونه لا يعيش فيها صاحب عقيدة فاسدة)، وقرية الأنصار (كونها مدينة الأوس والخزرج الذين نصروا الاسلام)، والمبروكة والمباركة (لدعاء الرسول: اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة)..

وهذا أيها السادة فقط ما سمحت به مساحة الزاوية.. وأترك لكم مهمة استنتاج خمسة أسماء إضافية من قول الشاعر:

أنا المدينة من في الكون يجهلني ومن تراه درى عني وما شغلا

تتلمذ المجد طفلاً عند مدرستي حتى تخرج منها عالماً رجلا

فتحت قلبي لخير الخلق قاطبةً فلم يغادرها منذ أن دخلا

وصرت سيدة الدنيا به شرفاً واسمي لكل حدود الأرض قد وصلا

أنا المنوّرةُ الفيحاء ذات نسب إذا البدورُ رأتني أطرقَتْ خجلا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...