الخميس، 2 يناير 2020

القرن القادم بدون أسلحة نووية


أوكرانيا وكازاخستان وروسيا البيضاء دول كانت تمتلك أسلحة نووية في السابق (ورثت معظمها من الاتحاد السوفياتي السابق) ولكنها نقلتها طواعية الى روسيا وبتمويل من أميركا وحلفائها الأوروبيين..

وهناك دول متقدمة تقنيا يمكنها (إن أرادت) صنع أسلحة نووية ولكنها ببساطة لا تريد ذلك مثل اليابان وإيطاليا وكندا وليتوانيا وهولندا - وجميعها تملك مفاعلات نووية سلمية يمكنها عند الضرورة التحول للأغراض العسكرية..

وهناك دول لا يثق العالم في نواياها من امتلاك أسلحة نووية مثل إيران وباكستان والهند وكوريا الشمالية (ناهيك عن إسرائيل التي ترفض التوقيع أصلا على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية)..

أما الدول الرئيسية في النادي النووي فهي روسيا التي تملك 18 ألف رأس نووي ثم أميركا (10 آلاف) والصين (400 رأس) وفرنسا (350) وبريطانيا (200)..

وما يدهشني إزاء هذه الأرقام هو تجاهل الإعلام الدولي لترسانة روسيا وأميركا والصين والتركيز على (نوايا) دول أصغر حجماً في امتلاك قنبلة نووية.. تستغرب من حرص أميركا على إجهاض أي مشروع نووي عربي أو إسلامي حتى يومنا هذا.. فقد أجهضت منذ البداية محاولات لبناء صواريخ "الظافر" و"القاهر" التي كان من شأنها الوصول لإسرائيل، ثم منعت القذافي من شراء قنابل جاهزة حين تفكك الاتحاد السوفياتي في مطلع التسعينيات، كما حاربت المشروع الباكستاني منذ ظهوره وحتى اليوم، وضغطت على روسيا لإيقاف تعاونها النووي مع إيران، واحتلت العراق لتتأكد فقط من عدم امتلاكه أسلحة كهذه.. أما أعظم نجاح حققته في هذا المجال فهو الضغط على كازاخستان لتدمير ترسانتها الضخمة مقابل 700000 دولار لكل رأس نووي يتم تدميره (وكانت كازاخستان حتى عام 1992 أعظم دولة نووية إسلامية حيث احتفظت ب1000 رأس نووي بعد استقلالها عن الاتحاد السوفياتي السابق)..

حين تتأمل في كل هذه المفارقات تكتشف أنها تصب في النهاية لصالح إسرائيل التي تحرص على امتلاكها وحدها هذا النوع من الأسلحة في المنطقة..

كتبت عنها قبل فترة مقالا بعنوان (إلى متى يتجاهل العرب مفاعل ديمونة) أشرت فيه الى انتهاء العمر الافتراضي لهذا المفاعل وظهور مخاطر تسرب فعلية تسببت في ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان بين سكان النقب ورفع قضايا تعويض من قبل علماء وفنيين يعملون في المفاعل نفسه.. وفي المقابل يخيم صمت عربي محير على وجود هذا المفاعل الذي - لا يشكل فقط قنبلة موقوتة وسط عالمنا العربي - بل ويلعب دورا مهما في صنع القنابل النووية التي سمعنا منذ ثلاثين عاما أنها تجاوزت المئتي قنبلة!

أما أميركا فتعمل حسب المثل الشعبي (ضربني وبكى وسبقني واشتكى) كونها تضم ترسانة نووية قادرة على تدمير كوكب الأرض - ومع هذا تشغلنا بمساعي إيران وباكستان وكوريا الشمالية لصنع أسلحة خاصة بها.. يكفي الإشارة الى أن ولاية نيومكسيكو وحدها تضم 2450 سلاحا نوويا (أي اكثر مما في أوروبا وآسيا مجتمعتين) وولاية جورجيا 2000 سلاح نووي، وواشنطن 1685، ونيفادا 1350 ثم نورث داكوتا 1140… ويتجاوز مجمل الأراضي التي تحتلها تلك المخابئ والقواعد النووية 15654 ميلا مربعا (وهو ما يتجاوز مساحة بلجيكا وهولندا في أوروبا!

المؤكد أيها السادة أن كوكب الأرض لن يضم في مطلع القرن القادم أي أسلحة من هذا النوع!

.. فالبشر إما كانوا أكثر حكمة فيتفقون على إلغائها من خلال اتفاقيات عالمية مشتركة، أو أكثر حماقة فتلغيهم هي من الوجود من خلال حرب عالمية شاملة تستعمل فيها الرؤوس النووية!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...