الخميس، 2 يناير 2020

التحيز الوزني


عنوان المقال على وزن التحيز العنصري والديني والطبقي.. فرغم أن السمنة تعد اليوم نوعاً من أنواع الإعاقة في الدول المتقدمة.. ورغم أن هناك بطاقات تتيح للبدين الاستفادة من خدمات كثيرة (مثل مواقف السيارات، ومقاعد الطائرات، والحصول على وظائف غير مجهدة).. هناك بالفعل تحيز وزني موجه للبدناء - في مجال التوظيف والترقيات على وجة الخصوص.. فكثير من الناس (وإن كانوا عطوفين مع المعوقين) إلا أنهم متحيزون ضد البدينين ويحملونهم بلا وعي مسؤولية وضعهم الصحي.. فالشركات تتحاشى توظيفه أو إصدار وثيقة تأمين صحي له - في حين يتهرب الناس من تزويجه أو التعامل معه دون تحامل!

ويبدو تأثير البدانة على الوظيفة واضحاً في عالم النساء بالذات - اللاتي يعانين أصلاً من تهرب الشركات من توظيفهن بسبب إجازات الحمل والأمومة ورعاية الرضع.. فهناك دراسة موسعة من جامعة كورنيل بنيويورك أكدت أن لبدانة المرأة تأثيراً حقيقياً على وظيفتها ودخلها الشهري؛ فقد تتبعت الدراسة حياة 1500 امرأة عاملة وقسمتهن إلى ثلاثة أوزان (تحت 66 كلغم، وفوق 95 كلغم، وفئه ثالثة استقرت بين الاثنين). وتوصلت الدراسة الى أن البدينات يستلمن رواتب أقل ب7% من الفئة المتوسطة و16% من الفئة الرشيقة. وأشارت الدراسة إلى أن التمييز الوظيفي يحصل منذ البداية حين يتم اختيار الأكثر رشاقة (وفي الغالب الأكثر جمالاً) في المكاتب المهمة والوظائف التي تتطلب قدراً مهماً من الأناقة وحسن المظهر.. وفي المقابل يتم تحويل البدينات للأعمال المكتبية المعتادة - والتي تتطلب غالباً ًجهداً أكثر وظهوراً أقل.. وهذه الأعمال ليست فقط أقل دخلاً ووجاهة بل لا تتميز بذات العلاوات والفرص الوظيفية المقدمة لعيدان القصب!!

وهذا التحيز "الأفقي" يذكرني بتحيز "عامودي" لا يقل عنه أهمية..

فقد اتضح أن "الطول" يلعب أيضاً دوراً مهماً في مسألة التوظيف والترقيات الوظيفية.. أصبح ذلك مؤكداً بعد دراسات متفرقة أثبتت أن نسبة "طوال القامة" ترتفع كلما ارتفع هرم المؤسسة وسلم المسؤولية في الشركات والمؤسسات الخاصة.. ومن خلال دراسة سلم الرواتب في شركات الانترنت اتضح وجود علاقة قوية بين كثرة العلاوات وسرعة الترقيات بنسبة 15٪ لصالح من زادت أطوالهم عن 180 سم!

وكان عالم نفس يدعى ديفدكوتز قد وزع استبياناً على140 مديراً للتوظيف فقال72٪ منهم إنهم سيختارون الشخص الأطول في حالة تساوي المؤهلات، وقال 27٪ إنهم سيركزون على المميزات الأخرى.. في حين وافق مدير واحد فقط على اختيار أقصر المتقدمين (ثم اتضح انه هو نفسه أقصر مدير شمله الاستفتاء)!

.. أيها السادة؛

اليابانيون لا يعانون من السمنة ولكنهم بدأوا في إحلال الروبوتات في الشركات والمصانع بسبب انخفاض معدلات النسل.. فهل ياترى ستحذو بقية الدول حذو اليابان بسبب وصول معدلات السمنة فيها إلى 70 و80 و90 بالمئة من نسبة الشعب؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...