الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

فكر بالبتكوين


هذه الكلمة bitcoin تأتي دائماً ضمن أكثر الكلمات التي يبحث عنها الناس في محركات الإنترنت.. وهي عمله افتراضية (ليس لها وجود مادي) يتم تداولها على الإنترنت وتوليدها داخل الكمبيوتر!!

... أنا شخصياً لم أحاول توليدها بنفسي، ولكنني توقعت ظهور مثيلٍ لها منذ عرفت الإنترنت..

فمنذ ظهرت الإنترنت لاحظت أن أعظم عقبة تواجهني وتواجه جميع الناس هي عدم وجود طريقة مباشرة وعملة افتراضية يتفق عليها الجميع.. صحيح أن هناك بطاقات الائتمان ومواقع الدفع (مثل Paypal) ولكن جميعها طرق لا يتخوف منها الناس فقط، بل وتتعامل مع (نقود حقيقية) بطرق إلكترونية مضنية.. وعبر وسيط ثالث...

ولأنني أعرف كيف تتولد النقود عبر التاريخ (وكيف تتحول لأموال حقيقية بمجرد اتفاق الناس عليها) توقعت ظهور "عملة افتراضية" سواء من خلال اتفاقية دولية، أو بطريقة تلقائية من خلال المتعاملين عبر الشبكة...

ومن الواضح أن عملة البتكوين ظهرت من خلال الطريقة الثانية.. فحتى يومنا هذا لا تقف خلف البتكوين دولة أو منظمة رسمية معينة.. فقد سمع عنها العالم لأول مرة في نوفمبر2008 حين نشر شخص مجهول (يدعى ساتوشي ناكاموتو) دراسة تثبت إمكانية خلق عمله افتراضية (دعاها bitcoin وتنطق بت - كوين) بواسطة حل معادلات معقدة على الكمبيوتر (بحيث يوازي الجهد المبذول قيمة العملة المولدة)..

وهذه المعادلات عبارة عن خوازميات تتولد تلقائيا ويشاهد نتيجتها جميع الموجودين على الشبكة.. وكلما نجح أحدهم في فك رموزها ينال 25 بتكويناً يتم توثيقها عالمياً.. وكل بتكوين يتم توليده يملك فور ولادته تسلسلاً رقمياً يستحيل تكراره ويكسبه مصداقية وصعوبة في التزوير (مثلما تُعطىَ الورقة النقدية تسلسلاً رقمياً يكسبها مصداقية وصعوبة في التزوير)..

وكان ناكاموتو الغامض (وهو بالمناسبة اسم ياباني) قد نجح في توليد أول 50 بتكويناً في مارس 2008.. ولأن العملة كانت شبة مجهولة حينها، ولم تخضع بعد لقانون العرض والطلب، لم يزد سعرها منذ عام 2008 وحتى نهاية 2012 عن نصف دولار فقط.. ولكن سعرها ارتفع بسرعة خارقة بدءا من 2013 حتى وصلت قيمة البتكوين الواحد إلى1000 دولار في نوفمبر2013 (ولكنه انخفض لاحقاً ووصل سعره قبل كتابة هذا المقال الى 600 دولار) وهو ما يؤكد أن البتكوين ملكية أكثر منه عملة كونه يخضع لقانون العرض والطلب!!

... وهناك أسباب كثيرة ساهمت في ارتفاع قيمة البتكوين بهذه السرعة الخارقة أهمها إغلاق المباحث الفيدرالية لأكبر متجر مخدرات على الانترنت يدعى "طريق الحرير" اتضح أنه كان يستعمل البتكوين في تعاملاته.. كما أصبح البتكوين مدعوماً فجأة من مواقع وشركات معلوماتية أعلنت تعاملها به عبر الشبكة.. أما الأمر الثالث فهو أن ألمانيا (ودول أخرى في الطريق) اعترفت به رسمياً في حين انتشرت في كندا وسويسرا صرافات تقبل تحويله لعملات ورقية، وأصبحت المحاكم الأمريكية تعامله معاملة النقود في قضايا التعويض والنفقة...

... بقي أن أشير إلى ظهور أكثر من ست عملات رئيسية مشابهة على الانترنت أهمها لايت كوين (التي تدعى العملة الفضية كونها أسهل استخراجا وأقل قيمة من البتكوين).. غير أن ما يميز البتكوين ويجعلني أتوقع ارتفاعه مستقبلاً هو:

أولا: صعوبة استخراجه أو تعدينه (حيث يُشبه استخراجه بتعدين الذهب)..

والثاني: موثوقيته (حيث يصعب تزويره أو إعادة استنساخه).

والثالث: اعتراف الجميع بوجوده وانتقال ملكيته (حيث يشاهد الجميع حركة تنقله بين المحافظ العالمية)..

والرابع: أن العالم بدأ يتوافق على التداول به (والتوافق هو مايعطي العملات الورقية قيمتها الحقيقية/ كالدولار الذي يتفق الجميع عليه كعملة دولية)!

... وبناء عليه ما المانع في أن تفكر أنت بالبتكوين كاستثمار أو وعاء للادخار.. فاليوم يوجد أكثر من 20 مليون بتكوين في العالم الافتراضي تزيد قيمتها عن12,3 مليار دولار لا يمكن غدا ضمان كميتها أو قيمتها في السوق...

... مالم أفهمه حتى الآن؛ لماذا لا يكشف ناكاموتو عن شخصيته لينال جائزة نوبل في الاقتصاد !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...