الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

شاطر ومشطور وبينهما كامخ


هل يذكر أحدكم مقال "كلمات لا تجدها في اللغة العربية"!؟

.. في البداية استشهدت بكلمة نرويجية تدعى بوليج أو Polegg وتطلق على أي شيء يوضع داخل الساندويتش سواء كانت تونة ولحمة أو مربى وجبنة.. غير أنني عدت وحذفت هذه الفقرة قبل إرسال المقال للنشر حين اكتشفت أن اللغة العربية تملك بالفعل ترجمة مقابله للبوليج تدعى "الكامخ" التي تشير الى كل مايوضع داخل الساندويتش ويشطر قطعة الخبز الى نصفين!!

الطريف أنني ذكرت هذه القصة لأحد الأقرباء فقال: "وماذا تعني كلمة ساندويتش نفسها؛ هل يعني فهمنا الأولى كي نفهم الثانية والثالثة"!!؟؟

وقبل أن أخبركم بما أخبرته أشير الى أن الفكرة ذاتها (قطعة خبز تلف حول طعام معين) أقدم بكثير مما سنذكره في هذا المقال وعادة رافقت الانسان منذ تعلم خبز الدقيق..

أما كلمة ساندويتش نفسها فالمؤكد أنها انجليزية Sandwich ولم تكن لتظهر لولا أوراق الكوتشينة أو البلوت..

أما بخصوص ارتباط كلمة ساندويتش بهذا النوع من الطعام فهناك روايتان تتداخلان في انجلترا نفسها:

الرواية الأولى تقول إن الساندويتش سمي بهذا الاسم نسبة إلى جون مونتاجو الحاكم الرابع لمدينة ساندويتش الإنجليزية في القرن الثامن عشر.. صحيح أنه لم يخترع هذه الأكلة ولكن لأنه كان يأمر خادمه بأن يحضر له قطع اللحم بين شريحتي خبز.. وبما انه كان حاكم البلدة فقد تعلم السكان طلب الطعام بطريقة مختصرة "نريد أكلة ساندويتش" أي وجبة كالتي يأكلها الحاكم.. ويقال إن السيد ساندويتش كان مولعا بهذه الأكلة لأنها كانت تسمح له بالاستمرار في لعب الكوتشينة أثناء الأكل دون أن تتشحم أوراق لعبه!!

... أما الرواية الثانية فتعيدها الى نبيل انجليزي يدعى هو نفسه إيريل ساندويتش ولد عام 1718 وأبدى منذ صغره اهتماماً كبيرا بتجميع شرائح اللحم الرقيقة والاجبان الفريدة.. وهو بدوره كان يتضايق كثيرا من فكرة القيام عن اللعب للجلوس الى المائدة لتناول الطعام . ولحل هذه المشكلة تفنن في صنع الساندوتشات وألف عنها كتابا دعاه "المآكل الخفيفة والمقبلات المرافقة"..

ورغم أن الكتاب أثار اهتمام طباخي لندن إلا أن الجمهور اعتبره مزحة فلم يشتره احد . وفي عام 1736 دخل السيد ساندويتش جامعة كامبريج ولكنه سرعان ما طرد منها بتهمة سرقة شرائح اللحم وأرغفة الخبز وصنع أطعمة غريبة وسريعة لاحقت استحسان الطلاب. وبعد طرده تجول في أوربا للتعرف على أنواع الجبن وإمكانية إضافته إلى ساندوتشات الخبز واللحم .. وبعد عودته إلى إنجلترا تزوج من ابنة بائع خضار تدعى سمولبور كانت تعلمه كل مايلزم معرفته عن الخس والكرونب والبقدونس والفجل!

وفي وقت لم تخترع فيه بعد المطاعم السريعة صاحب الفشل جهود ساندويتش إلى أن زاره ذات يوم طباخ الملكة.. فقد طلبت ملكة إنجلترا تحضير "سفرة خاصة" بمناسبة غذاء رسمي مع الملك الأسباني. ومن حسن الحظ لقيت سفرة ساندوتش إعجاب الجميع الأمر الذي دعا الملكة إلى تكليفه بالإشراف على جميع الحفلات الرسمية. واحتفالا ببلوغه الخامسة والستين اخترع ايريل ساندويتش أهم أعماله على الإطلاق (هل تعلمون ما هو؟) الهامبورجر الذي اكتسح جميع الأكلات الشعبية والذي من اجله أسست شركة ماكدونالد 9000 مطعم حول العالم وأصبح سمة من سمات العصر الحديث!!

على أي حال؛

لأن العرب مايزالون محتارين في تعريب الكلمة؛ ولأن ترجماتها تختلف مابين شطيرة وملفوفة وعروسة وصمونة وكسكروطة (والأسوأ شاطر ومشطور وبينهما كامخ) أفضل الاحتفاظ بكلمة ساندويتش حتى حين.. وبعد إذنكم أتى ساندويتش التونة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...