الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

استرجع صحتك بحقنة


عملت البارحة أمراً كنت أفكر بعمله منذ عدة أشهر.

تبرعت بشيء من دمي في مستشفى الولادة والأطفال- ليس فقط حباً في الخير- بل وأيضاً حباً في الصحة وطمعاً في النشاط..

فإخراج الدم (سواء بقصد التبرع أو الحجامة) أمر ثبتت محاسنه للقلب والشرايين وتجديد الخلايا ورفع مستوى المناعة في الجسم..

والحجامة بالذات تمارس حتى اليوم في دول كثيرة كالصين والهند وفنلندا واليونان ومعظم البلاد العربية والإسلامية للتخفيف من الروماتيزم، وارتشاح الرئتين، وهبوط القلب، وإعادة النشاط، وحث جهاز المناعة بوجه عام.

والعجيب فعلاً أن النساء نادراً ما يصبن بالسكتة القلبية مقارنة بالرجال (وقليلاً ما يعانين من مشاكل في الدورة الدموية وأمراض الدم) لأن دماءهن تتجدد باستمرار بفضل الدورة الشهرية - في حين تتراكم الجلطات وتتعفن الصفائح في عروق الرجال.. فقد ثبت منذ السبعينيات أن الدماء التي تفقدها المرأة كل شهر تلعب دوراً مهماً في مقاومة ضرر الكوليسترول (المسؤول عن إغلاق الشرايين) وتجديد خلايا الدم الحمراء والبيضاء (والأخيرة مسؤولة عن مناعة الجسم وحمايته من الجراثيم المسببة للأمراض). وما يؤكد هذه الحقيقة أن المرأة حين تصل لسن اليأس وتنقطع عنها الدورة الشهرية تتساوى فى نسبة الإصابة بالأزمات القلبية مع الرجال - ولا يعود هناك فرق إحصائي واضح بين الجنسين!!

هذه الظاهرة العجيبة يمكن ملاحظتها حتى لدى الرجال أنفسهم حين يتبرعون بدمائهم بشكل مستمر.. فالمتبرعون بدمائهم بشكل منتظم من الذكور تقل لديهم نسبة الإصابة بأمراض القلب بمعدل النصف تقريباً(أي ما يوازي النساء فى سن الإنجاب).. وللتأكد من هذه الحقيقة عمد الدكتور ديفيد ميرز (من مركز المركز الطبي فى جامعة كانساس) إلى متابعة 3855 رجلاً وامرأة فوق سن الأربعين (حيث يتساوى الجنسان في معدل الإصابة) فوجد ان الذين تبرعوا بدمائهم خلال آخر ثلاث سنوات قلّت لديهم نسبة الإصابة بأمراض القلب بنسبة 30%!!

ومن فنلندا نبهت دراسة طبية إلى وجود علاقة إيجابية بين الاصابة بالأنيميا (أو فقر الدم) وقلة الإصابة بالنوبات القلبية.. فالإصابة بالأنيميا تعني نقص نسبة الحديد (العامل المؤكسد للكوليسترول) وبالتالي الإقلال من مخاطر انسداد الشرايين. كما أن الإصابة بفقر الدم (الشائع لدى الفتيات المراهقات) يفسر ندرة الإصابة بأمراض القلب لدى الإناث تحت سن العشرين!!

ليس هذا فحسب؛ فالعلاقة الواضحة بين أمراض القلب والإدماء (بشكل طبيعي أو مقصود) مجرد حسنة واحدة من حسنات الحجامة والتبرع بالدم.. ورغم أنني أفضل التبرع على الحجامة (كون التبرع يفيد أشخاصاً غيرك ويتم غالباً تحت شروط صحية صارمة) إلا أن الحجامة علاج قديم ومعروف منذ عهد الفراعنة واستعمله الصينيون قبل أربعة آلاف عام.. وهناك - كما يعرف معظمنا- أحاديث نبوية كثيرة تحث على الحجامة وفصد الدم مثل قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "الشفاء في ثلاثة: شربة عسل وشرطة محجم وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي".. وقوله: "نعم العبد الحجام يذهب الدم ويجفف الصلب ويجلو البصر".. وعن ابن العباس أن الرسول الكريم كان كلما مرّ على ملأ من الملائكة - حين عُرج به - قالوا له: "عليك بالحجامة"..

واليوم؛ وبعد فترة طويلة من التجاهل - وربما السخرية - يعترف الطب الغربي اليوم بالحجامة الطبية (ويطلق عليها كابينج Cupping) ويستعملها لعلاج آلام الظهر، والدمامل، والتهاب الشعب الهوائية، والصداع، والمفاصل، ومقاومة الخمول والكسل..

المهم.. افعل مثلي واذهب غداً لاستعادة شيء من نشاطك..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...