الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

ماذا يستفيد المجتمع من أي منظمة إرهابية؟


السؤال يجيب بداهة عن نفسه..

فماذا يستفيد أي مجتمع متحضر من عصابة تمارس القتل والتفجير واستباحة دماء الآخرين؟

ماهو المشروع الحضاري الذي تقدمه لنا منظمات مثل القاعدة والإخوان والنصرة وداعش كي نتفوق على المجتمعات المتقدمة؟

.. لا نحتاج لجواب كونها مجرد عصابات إرهابية لا تعرف غير القتل والترويع وطمس المنجزات (ثم لا شيء بعد ذلك)..

وأقول "عصابات" لأن حتى كلمة "منظمات" كبيرة عليها؛ فهي لا تعمل على أساس مؤسساتي ولا تملك خططاً ولا استراتيجيات ولا نظرة بعيدة المدى.. لا تملك مشاريع أو بدائل أفضل من الموجود لتطوير مجتمعاتها أو الرقي بأفرادها.. حتى حجتها الزائفة "الجهاد في سبيل الله" ثبت كذبها في أفغانستان والعراق وسورية حيث 90% من أعمالها الجهادية كانت موجهة لمدنيين مسالمين يدينون بذات الدين وينتمون لذات الوطن..

معظم من ذهب وحارب تحت إمرتها عاد وقد تملكته قناعة باستحالة العيش تحت ظلها أو إقامة دولة بوجودها.. أما من لم يذهب (حتى الآن) فمازالت الأوهام تعشعش في دماغه بأنها تمثل الجهاد الحقيقي والرعيل الأول من صدر الإسلام..

وكنت شخصياً قد خضت نقاشاً مع أحد المؤيدين لتنظيم القاعدة - ممن يكفرون مؤسسات الدولة - فسألته:

.. ولكن الدولة قدمت لنا فرص التعليم والعلاج والتوظيف ناهيك عن إيصال الخدمات الأساسية إلى بيوتنا؛ فما هي خططكم البديلة أنتم؟ قال: نقيم دولة الإسلام (!) قلت: ولكننا نعيش في دولة مسلمة وتكاد تكون الوحيدة التي تطبق حدود الشرع (!!) قال: أنت من عوام الناس ولا تعرف ببواطن الأمور، قلت: سأسلم لك بهذا، وأفترض معك أننا نعيش في دولة غير مسلمة فما هو البديل الأفضل الذي ستقدمونه لعامة الناس مثلي ومثل والدتك المريضة؟.. أتعرفون ماذا قال: "سنقيم دولة الإسلام أولا، ثم يحلها الحلال"..

هذه هي طبيعة الأفكار التي يحملها المؤيدون للمنظمات المتطرفة.. استعلاء وصلف ونظرة محدودة لا تعرف غير الاستيلاء على المجتمع ثم تصفية المخالفين لها.. الهدف الوحيد للمنظمات المتطرفة (والذي تتوقف عنده كل الخطط) هو القفز إلى الحكم ثم البقاء هناك كأخطبوط أسود يجثم على أنفاس الجميع.. لا أقول هذا من باب التهويل أو المبالغة، بل عطفاً على مافعلته في العراق وسورية وكل مدينة سيطرت عليها وعادت بها إلى العصور المظلمة.. عطفاً على حال أفغانستان تحت ظل القاعدة وطالبان وكيف تراجعت إلى أدنى مستويات التنمية والفقر وتحولت الى أكبر مصدر للهيروين ونبتة الخشخاش المخدرة..

ورغم هذا كله، ورغم أن جميع الدول تملك قوائم خاصة بالمنظمات الإرهابية؛ كانت السعودية الدولة الأكثر حلماً وتسامحاً وقبولاً بتوبة أبنائها المنتمين لهذه المنظمات (حتى ظن البعض حلمها ضعفاً، وتسامحها مع أبناء الوطن تأييداً ودعماً)..

ولكن القرار الأخير(القاضي بتجريم التنظيمات الإرهابية) قطع الشك باليقين وأكد عدم مشروعية هذه المنظمات وتجّريم المنتمين إليها.. قرار يحمي مجتمعاً بأكمله ويغلق الباب أمام حالات المزايدة والدعوات الباطلة باسم الجهاد - ولم يتركه مفتوحاً سوى للراغبين في العودة للوطن خلال 15 يوماً من تاريخه..

وإن كان هناك من يخامره الشك تجاه هذا القرار أذكره مرة أخرى بأن مايسمى بالأعمال الجهادية لهذه المنظمات (في دول مجاورة لنا) كانت موجهه ضد مدنيين عُزّل يدينون بذات الدين وينتمون لذات الوطن - ولم نسمع يوماً عن عزمها تحرير القدس أو فك الحصار عن غزة مثلاً..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...