الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

حوادث الطيران الغامضة


يظل الأمر محيراً ولافتاً للانتباه طالما ظل غامضاً وعصياً على الفهم.. وحادثة الطائرة الماليزية الأخيرة تلفت الانتباه - لا لكونها حادثة طيران تقليدية - بل لأنها حادثة طيران غامضة لم يُعرف سببها إلى الآن.. ولأن حوادث الطيران نادرة بطبيعتها (لدرجة لم تسجل أي حادثة خطيرة في عام 2013 الماضي) تصبح حوادث الطيران الغريبة والغامضة معدودة على الأصابع وعصية على النسيان..

وحين اختفت الطائرة الماليزية قبل عشرة أيام (أثناء رحلتها من كوالالمبور إلى بكين) افترض الجميع أنها مجرد حادثة مؤسفة.. ولكن عدم العثور على أي دلائل وقرائن مقنعة حتى الآن ترك الفرصة لظهور تكهنات وشائعات تراوحت بين الاختطاف والعمل الإرهابي إلى المؤامرة والانتقال إلى بعد زمني مختلف (في حين تشير آخر التصريحات الرسمية إلى أن الطائرة انحرفت عن مسارها بفعل فاعل يخشى أن يكون الكابتن نفسه زهاري أحمد الذي فتشت الشرطة الماليزية منزله بدقة)..

وحوادث من هذا النوع ساهمت في بلورة أسطورة مثلث برمودا - ومثلثات أخرى مشابهة حول العالم.. فهذه المنطقة البحرية (شرق ولاية فلوريدا الأمريكية) شهدت حوادث اختفاء غامضة لسفن وطائرات لم تترك خلفها أي دليل خصوصاً قبل عقد التسعينات.. ومن أكثر هذه الاختفاءات شهرة اختفاء رف كامل من طائرات سلاح الجو الأمريكي ثم اختفاء طائرة إنقاذ تحمل 13 رجلاً ذهبت للبحث عنهم.. وقبل ذلك اختفت طائرة ستارتايغر تحمل على ظهرها 31 شخصاً ثم طائرة DC3 تحمل 35 راكباً اختفوا بلا أثر.. وفي عام 1975 اختفت السفينة سيلفياوسا وعلى ظهرها 41 بحاراً، ثم طائرة بوينج مروحية بعد أسابيع قليلة تحمل عدداً مماثلاً من الركاب (بالاضافة الى 27 حادثة مشابهة ساهمت في خلق أسطورة برمودا)!!

ومجرد تبلور فكرة وجود (مثلث بحري غامض) قرب جزيرة برمودا استدعى الحديث عن وجود مثلثات أخرى مماثلة حول العالم تختفي فيها الطائرات والسفن بلا أثر.. ففي بحر اليابان (بين اليابان والصين) ظهر مايعرف بمثلث التنين حيث فقدت العديد من الطائرات اليابانية والآسيوية بظروف غامضة.. وفي بحر الصين الجنوبي (حيث اختفت الطائرة الماليزية) سجلت حوادث غرق واختفاء لناقلات نفط وسفن كثيرة.. وأمام السواحل الشرقية لنيويورك (وتحديداً بين نيويورك جنوباً ونوفا سكودا شمالاً) ظهر ما يعرف باسم مثلث الشمال حيث اختفت أو انفجرت خمس طائرات مدنية على الأقل..

ورغم ندرة هذا العدد (مقارنة بكثافة الرحلات المنطلقة من أمريكا لأوروبا فوق تلك المنطقة) لم ينجح أحد مثلاً في تقديم سبب مقنع لتحطم الطائرة المصرية 990 حتى الآن.. صحيح ان السلطات الأمريكية حمّلت كابتن الطائرة "البطوطي" مسؤولية إسقاطها غير أن هذا الادعاء يبدو لنا هشاً (كونه يعتمد نطقه بالشهادتين قبل انحراف الطائرة بحدة) ولا يفسر سبب سقوط الطائرة السويسرية TWA 800 في نفس المنطقة عام 1998 - كما لا يفسر أيضاً سقوط طائرة أمريكية كانت متجهة من نيويورك إلى باريس في عام 1996!!

على أي حال؛ لاحظ أن معظم الحوادث "الغامضة" تحدث فوق البحار والمحيطات الأمر الذي يمنح الغموض شيئاً من العقلانية - والعقلانية شيئاً من صعوبة التصديق.. وبصرف النظر عن التصريحات الرسمية سيظل اختفاء الطائرة الماليزية واحداً من أكثر حوادث الطيران غموضاً في زمن أصبحت فيه الأقمار الاصطناعية ترى كل شيء من الأعلى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...