الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

السلامة المرورية كمنهج.. والإسعاف الميداني لساهر


الاقتتال تحت مظلة الجهاد في الخارج..

تهريب المخدرات والمشروبات الكحولية..

الكورونا، وإنفلونزا الخنازير، وحمى الضنك..

جميعها لا تساوي 1 على 1000 ممن يموتون لدينا بسبب حوادث السيارات!!

فنحن من الدول المتقدمة في هذا المجال والمتخلفة في إيجاد حلول جذرية لها.. نبذل طاقات جبارة لمكافحة قضايا افتراضية (لم تحدث أصلا) أو استثنائية (وقعت لشخص أو شخصين) أو انتقائية (تؤيد رأينا رغم ندرتها) ونترك مشاكل واقعية طالت الجميع (واكتوى بنارها الجميع) مثل حوادث السيارات.

نسمع في كل يوم عن حوادث مؤلمة قضت على عائلات بأكملها - لدرجة لم تعد الحوادث الفردية تلفت انتباهنا.. أصبح كل مواطن سعودي يعرف صديقا أو قريبا مات أو أصيب بإعاقة دائمة بسبب حادث مؤسف.. أصبحت السيارات السبب الأول للوفاة بين شبابنا ومعلماتنا - وبمعدل لا تجده بين أكثر الدول تخلفاً.

وفي حين انتهى عام 2013 ولم يتجاوز عدد الوفيات في ألمانيا 19 راكبا ؛ قرأت في صحيفة الاقتصادية (عدد 13 مارس2013) أن عدد المتوفين لدينا بسبب الحوادث يصل إلى 17 وفاة في اليوم.

وللوهلة الأولى يبدو الرقم صغيرا ولكنه في الحقيقة مرتفع جدا كونه يعني 6205 حالات وفاة في العام و248,200 حالة خلال الأربعين عاما الماضية (منذ بدء رصد حوادث المرور بشكل رسمي).. وهذا العدد يفوق سعة أستاد الملك فهد بثلاث مرات ونصف - ثلاثة أرباعهم من الشباب والأطفال!!

وفي الحقيقة ؛ أمريكا لم تقتل نصف هذا العدد حين ألقت أول قنبلتين نوويتين على هيروشيما ونجازاكي.. لماذا إذاً هذا التهاون؟.. لماذا لا تساوي لدينا وفاة (ثلاثة أضعاف جماهير أكبر إستاد رياضي) جهود مطاردة النساء في الأسواق للتأكد من تمسكهن بالحجاب!؟.. هل ستصبح "كارثة قومية" فقط حين يموت عُشر هؤلاء الشباب بسبب المخدرات أو دعوى الجهاد في الخارج؟.. هل تُستنفر الجهود الوطنية فقط حين يموت أربع أطباء بسبب الكورونا أو خمسة طلاب بسبب حمى الضنك؟

.. ثم ماذا عن إعاقات الحوادث نفسها.. كم تكلفنا ماديا ومعنويا واجتماعيا؟

فبجانب وفاة 17 مواطنا في اليوم، هناك 186 إصابة وإعاقة يومية تحدث على مستوى السعودية. وهذا يعني 68,000 إعاقة في العام و2,720,000 خلال الأربعين عاما (والرقم الأخير يعد ضئيلا كون جميع المواطنين تعرضوا لحادث واحد على الأقل في حياتهم)!!

.. لست أول من يكتب عن هذه المشكلة، ولكن أرجو أن أكون أول من يطالب بإدخال السلامة المرورية (كمنهج دراسي) لاجتثاث جذورها لدى الجيل القادم..

فبالإضافة لتشديد المخالفات، وضبط الأنظمة، ومنح رخص القيادة، ومضاعفة رجال المرور (خصوصا في النقاط الأكثر عرضة للحوادث) لا بد من اجتثاث جذور المشكلة من خلال تدريسها للنشء وتوعيتهم بأن ربعهم سيموت مستقبلا أو يتعرض للإعاقة بسبب حوادث السيارات..

تأمل مناهجنا التنظيرية الحالية وانظر ماذا تقدم - وأي مشكلة تعالج - مقابل إقرار منهج دراسي كهذا يجمع بين السلامة المرورية والإسعافات الأولية (كون نسبة كبيرة من الوفيات تحدث بسبب جهل المتجمهرين بكيفية إنقاذ المصابين)!!

هذا من جهة..

ومن جهة أخرى؛ لماذا لا يتبرع "ساهر" بجزء من الملايين التي يقتطعها من جيوبنا لإنشاء مراكز إسعافية على شوارعنا الرئيسية؟

لماذا لا يتطوع ويوقف بجانب سياراته وكاميراته (سيارات إسعاف ميدانية) كجزء من مسؤوليته الاجتماعية؟!

وكما أرفع لمعالي وزير التعليم اقتراحي بإدخال السلامة المرورية كمنهج دراسي، أرفع لسمو وزير الداخلية، وسمو رئيس هيئة الهلال الأحمر اقتراحي بتحمل ساهر جزءا من مسؤولية الإسعاف الميداني لضحايا الحوادث المرورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...