السبت، 21 سبتمبر 2019

النفاق السابع


نملك نحن السعوديين أكبر نسبة من المحطات الفضائية ووسائل الإعلام الناجحة في الخارج..

ونشكل نحن السعوديين أكبر معلن ومستهلك ومشاهد للقنوات الفضائية والوسائل الإعلانية والمواقع الإلكترونية..

صحيح أننا لا نملك داراً سينمائية واحدة، ولكننا نملك في بيوتنا أكبر نسبة من القنوات المشفرة ولا يكاد أبناؤنا يغلقون «اليوتيوب»..

نتخذ موقفاً متحفظاً - وأحياناً عدائياً - من السينما والأفلام ثم نتسابق على قطع تذاكرها في دبي واسطنبول وأوروبا..

فما هو سر هذا التناقض ياترى؟

هل يعقل أن تكون الغالبية العظمى من المجتمع على خطأ؟

هل يعقل ذلك رغم أن أمة محمد لا تجتمع على ضلالة؟

لماذا لم تفلح كل الدروس والخطب في إقناع السعوديين بمقاطعة السينما أو إغلاق محطات الأفلام؟

هل لأنهم (غير ملتزمين) أم لأنهم ببساطة لم يقتنعوا بكل مايقال عنها!؟

هل لأنهم واعون ويدركون المعنى الحقيقي للفن السابع، أم لأن من لا يعرف السينما يعتقد أنها سلسلة لا تنقطع من المشاهد الإباحية - التي نعارضها جميعنا كآباء!؟

الحقيقة هي أن من يعارض السينما يعارض كل الفنون التي سبقتها.. يعارض النحت والرسم والموسيقى والرواية والشعر والمسرح والسينما.. فلأن السينما تأتي في المركز السابع بعد كل هذه الفنون (وآخر ما ظهر منها) دعيت بالفن السابع.. ولهذا أراها شخصيا «أم الفنون» كونها تتضمن كل هذه العناصر وتتطلب اجتماعها وتعاضدها للخروج بفيلم جميل ورائع..

السينما لم تعن لي يوماً الأفلام الفاضحة أو المشاهد الإباحية أو حتى لقطات العنف والسادية - كون هذه لا تحتاج إلى قصة أو سيناريو أو موهبة من أي نوع...

فالسينما الراقية تتضمن تكاملاً فنيا، والتزاماً أدبياً، وتناغماً لا تجده في الأفلام الهابطة.. تكاملاً لا يمكن أن تجده إلا في أفلام عظيمة مثل «غاندي» و»أماديوس» و»التيتانك» و»عمر المختار».. التزاماً وتناغماً لا يمكن أن تجده في غير «العراب» و»الرقص مع الذئاب» و»الإمبراطور الأخير» و»المليونير المتشرد»...

حين تشاهد أفلاماً بهذا المستوى لا يمكنك إخفاء إعجابك بروعة القصة، وحبكة السيناريو، وجمال الأداء، وعبقرية الخدع السينمائية (ثم متعة مشاهدة كل ذلك ضمن بوتقة واحدة)..

لا تملك حينها غير التساؤل إن كان من يُحرمها قادراً على تعويض الناس بما هو أفضل منها..

لا يمكنك أن توافقه الرأي لمجرد وجود لقطة «غير مناسبة» يمكن بترها أو تفسيرها ضمن السياق (أو عدم وضعها أصلاً لو كنا نملك أفلاماً خاصة بنا) !!

على أي حال؛

ما أراه شخصياً - وتؤكده المفارقات التي بدأنا بها المقال - أن موقفنا من «الفن السابع» يحتل «المركز السابع» ضمن حالات نفاق اجتماعي نكررها دائما مثل:

اننا أكثر الناس فهماً في الدين..

اننا أكثر الأمم احتراما للمرأة..

اننا أفضلها أمنا وأمانا..

اننا محسودون من الشرق والغرب..

اننا نعيش حالة كمال ورضا «وربنا لا يغير علينا»..

ان المؤامرات الدولية هي سبب تخلفنا وعدم قدرتنا على المنافسة..

أما الحالة السابعة فهي موقفنا المعارض للكافة الفنون السبعة..

.. حبيب قلبي:

موقفك الشخصي من السينما والفنون التي سبقتها أمر شخصي لا يهم سواك.. ما يهمنا فعلاً هو اعتراف الجميع بواقع المجتمع واحترام الخيارات الشخصية لعامة الناس..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...