السبت، 21 سبتمبر 2019

مواقع تشويه الأفكار


حين دشنت صحيفة الرياض موقعها الإلكتروني - قبل عشرة أعوام تقريباً- أصبحت أملك وسيلة قوية لقياس تفاعل القراء - أو رجع الصدى كما في لغة أهل الإعلام..

وأستطيع القول إنني عشت أياماً مجيدة حين كانت الردود والتعليقات - بل وحتى التوجيهات والانتقادات - تصل إلى حدود 400 و 500 تعليق في اليوم (وهو الأمر الذي أتاح لي الفوز عام 2008 بجائزة أكثر الكتاب متابعة ونيل تذكرتي سفر إلى أستراليا)!!

ولكن عادات القراء تغيرت بسرعة تغير وسائل التواصل ذاتها.. فاليوم خفت ردود القراء في الموقع الإلكتروني، ولكنها في المقابل ارتفعت من خلال تويتر والواتساب وبرامج التواصل الأخرى.. وبعد أن كنت ألجأ للشيخ جوجل لمعرفة أكثر المقالات انتشاراً (واستنساخاً في بقية المواقع) أصبحت اليوم أعرفها من خلال عودتها إلي مجدداً عبر الواتساب - وكلما كانت مشوهة ومجتزأة بنسبة أكبر، كلما دل ذلك على انتشارها وتداولها بنسبة أكثر..!!

خذ كمثال مقالاً بعنوان "لا تفكر بالنجاح بل بخلق عادة ناجحة" الذي أصبح يأتيني عبر الواتساب من أشخاص لا يعلمون أنني كاتبه الأصلي.. ولهم العذر في ذلك؛ كونهم استلموه من أشخاص لا يفهمون معنى "الحقوق الفكرية" ولا يدركون أهمية ذكر المصدر واسم المؤلف (والأسوأ من ذلك صياغته بطريقة توحي بأنهم أصحاب الفكرة)..

أما الأسوأ من كل هذا فهو تداول المقالات والأفكار المكتوبة بعد تشويهها أو الإضافة إليها أو تجزئتها أو نشرها(بطريقة ويل للمصلين) بحيث تسيء في النهاية لصاحبه أو تتقول على لسانه..

فالمقال السابق مثلا وصلني عدة مرات عبر الواتساب دون ذكر اسم الكاتب مبتدئاً بهذه الجمل: "قال أحد الصحفيين" "يقول أحد المرتبين" "قال رجل معروف غفر الله له".. وجميعها بدايات ركيكة ضايقتني في صياغتها وحقيقة إنني لست صحفياً ولا مرتباً ولم أكتب ما يوحي بالمعصية..

أيضاً وصلني نفس المقال عدة مرات بعد حذف نصفه الأول (الذي ذكرت فيه تجربتي الشخصية في كتابة المقالات اليومية) مع الإبقاء على الجزء الثاني حيث تقنيات الإنجاز الناجح من خلال الالتزام بعادة يومية بسيطة..

كما تتضح وجهة نظر الناقل من خلال تسقيط بعض العبارات الدينية كالحوقلة والحسبلة وغفر الله له وتغيير آخر جملة في المقال من: "قليل دائم خير من كثير منقطع" إلى: "أحبَّ الأعمال إلى الله ما دام وإن قل"..

على أي حال كان هذا مجرد مثال.. فما يعود هذه الأيام عبر الواتساب سبق وشاهدته في جوجل ومحركات البحث الأخرى (حيث يتم اقتباس المقال فور صدوره في عشرات المواقع والمنتديات دون ذكر المصدر أو اسم الكاتب أو نشر الفكرة دون تحوير أو تشويه)!!

وفي حين يتشرف أي كاتب بانتشار مقالاته في أي وسيلة كانت؛ تكشف هذه التصرفات مدى استهتارنا بالحقوق الفكرية، واستعدادنا للتلاعب فيها بحيث تناسب ميولنا الشخصية.. غير أن الأمانة العلمية تقتضي استئذان المؤلف، ونشر مادته الفكرية دون تحوير أو اجتزاء أو إضافة (بل من الذكاء فعل ذلك لعدم إرباك القارئ وإخلاء مسؤولية الناقل مما يذكره الكاتب)!!

.. على أي حال؛

لإثبات حسن النية - وعدم كتابتي لهذا المقال من منطلق شخصي - أشير بوضوح إلى عدم حاجة أحد لاستئذاني بخصوص إعادة نشر أي مقال طالما التزمنا بالمصدر، واسم الكاتب، وعدم تشويه المادة الأصلية!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...