الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

أحدث منتج يدعى «كورونا»


في يونيو 2002 نجح العلماء في جامعة نيويورك في بناء أول فيروس مُصنع في التاريخ. وهو فيروس خطير جداً (يدعى (Poliovirus يمكنه أن يصيب بالشلل آلاف الضحايا ويقتلهم من خلال نشره في الهواء.. والأخطر من صنع الفيروس أن رئيس الفريق (ايكارد ويمر) صنعه بموارد بسيطة وإمكانيات متوفرة ومعلومات استخرجها من الانترنت - للفت الانتباه على حد قوله إلى قدرة "المنظمات الإرهابية" على بناء فيروس قاتل!!

وما يشغل بالي حالياً هو احتمال ظهور فيروسات مصنعة لا نعرف أنها "مُصنعة" أصلاً.. فالسرعة الكبيرة لظهور الفيروسات في العقود الأخيرة أصبحت تثير القلق والتساؤل فعلاً.. فمنذ ظهور فيروس الإيدز والسارس، إلى أنفلونزا الطيور والخنازير؛ وانتهاء بفيروس الكورونا، لم يتساءل معظمنا: أين كانت هذه الفيروسات من قبل؟.. صحيح ان للفيروسات قدرة على التحور والتكيف وخلق أمراض جديدة؛ ولكن السؤال يظل قائماً حول قدرة البشر على صنعها بهذا الشكل وإجبارها على اتخاذ هذا المنحى..

خذ كمثال أول فيروس في القائمة HIV المسبب لمرض الإيدز.. فهناك كتاب يدعى "الفيروسات الوليدة" للدكتور ليونارد هيروتز يؤكد فيه استحالة ظهور الإيدز بطريقة طبيعية وأنه فيروس محور لمرض قديم كان ينتشر بين القردة فقط.. وهناك كتاب آخر بعنوان "الحصان الشاحب" لخبير الفيروسات الأمريكي وليام كوبر يدعي فيه أن فيروس الأيدز صنع عمداً للحد من تناسل الدول الفقيرة. ويقول إن الفيروس اأدخل إلى افريقيا في السبعينات من خلال صناديق اللقاحات وأن الولايات المتحدة تملك القدرة على إنتاج المصل الشافي ولكنها ببساطة لا تهتم بذلك.

ورغم أن الفكرة تبدو تآمرية بعض الشيء إلا أن فيروس الإيدز لم يكن موجوداً في إفريقيا حتى 1977 (رغم انها موطن القردة الخضراء أصل الفيروس).. لم ينتشر فيها المرض فجأة إلا بعد حملات التطعيم التي قامت بها المنظمات العالمية ضد أمراض أخرى (كالشلل والتهاب الكبد الوبائي) وأصبح حالياً سبب الوفاة الأول فيها.. وكانت وزيرة الصحة في جنوب افريقيا قد اتهمت الغرب صراحة (في عام 2001) بمحاولة إبادة القارة السوداء عن طريق تصنيع فيروس الإيدز ومنع إنتاج لقاحات خاصة به - في حين تبيع الأدوية المخفضة لآثاره بأثمان تفوق قدرة الشعوب الفقيرة!

.. أما بخصوص الفيروس الأخير MERS-CoV المسبب للكورونا فقد تم اكتشافه في 24 سبتمبر 2012 عن طريق الدكتور المصري محمد علي زكريا (الذي كان يعمل في مستشفى سليمان فقية في جدة وعزل الفيروس من رجل متوفى).

ورغم أن أحداً لم يتهم بتصنيع الفيروس إلا أن مصدره لا يخرج عن كونه إما فيروس قديم حدثت فيه طفرة تُسبب المرض الجديد، أو أنه من الفيروسات التي تصيب الحيوانات تتكيف في جسم الإنسان بحيث يصيب الكلى والجهاز التنفسي (والطفرة والتكيف حالتان يمكن فعلهما بشكل مصطنع وبطريقة لا تصعب على أي مختبر)!!

.. بدون شك، وزارة الصحة لدينا ارتكبت أخطاء كثيرة في مواجهة الكورونا من أبرزها فصل الدكتور محمد علي زكريا (الذي يعمل حالياً في جامعة عين شمس) ومنعه من العمل في السعودية بحجة أنه تجاوزها حين نشر نتائج اكتشافه في الشبكة الطبية الأوروبية ProMED-maid.

ولكن الحقيقة هي أنه أبلغها بنتائج اكتشافه (في 18 يونيو2012) وفشلت هي ليس فقط في تحديد هوية الفيروس بل وتعاملت معه على أنه "انفلونزا خنازير" الأمر الذي جعلها تخسر وقتاً مهماً.. ورجلاً يعرف أصل الحقيقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...