السمنة والبدانة تحولتا إلى وباء عالمي تتشارك فيه الدول الغنية والفقيرة على حد سواء.. ونسب السمنة المرتفعة لدى الأجيال الجديدة تثبت فشل فكرة "الريجيم" من أساسها وصعوبة انتصار الإرادة البشرية على إغراءات الأغذية المتوفرة هذه الأيام.. حتى لأكثر الناس فقرا..
وبناء عليه أتساءل إن كان الحل يكمن مستقبلا في تجاهل فكرة الريجيم المؤقت وأكاذيب الإرادة وكتب الأوهام، واللجوء لعمليات جراحية سريعة وفعالة ودائمة المفعول..!؟
فعمليات جراحية مثل "شفط الدهون" و"تصغير المعدة" و"تقصير الأمعاء" أصبحت تقدم اليوم فوائد سريعة ومؤكدة بعيدا عن ذلك الشيء البغيض المسمى "إرادة"..
في الماضي؛ كان يعيبها تكلفتها المرتفعة وخطورتها النسبية ووقتها الطويل وقلة المتخصصين فيها.. غير أن هذا كله تغير الآن بحيث أصبحت أقل كلفة وأكثر أمانا ولم تعد خطورتها تزيد على معظم العمليات التي تتم اليوم بالمنظار.. وهناك إحصائية أميركية تشير الى أن عدد الخاضعين لعمليات قص وطي المعدة ارتفع من 20,000 مواطن في عام 1996 إلى 277,600 مواطن في عام 2014. وهذه القفزة الهائلة تنبئ أن هذه العملية بالذات في طريقها للتحول لإجراء شعبي تنخفض معه تكلفة الإجراء وترتفع بفضله خبرة الأطباء - وأتوقع مستقبلا أن تتحول الى مجرد إجراء طبي عادي لا يختلف عن زيارة طبيب الأسنان أو أخذ قياسات النظارة!
وأكثر أنواع العمليات الجراحية شيوعا هذه الأيام هي:
وضع حزام حول المعدة بحيث يشعر الانسان بالشبع والامتلاء بعد تناول كميات صغيرة من الطعام..
وتحويل مسار الأكل بحيث يتجاوز معظم المعدة ويذهب الى الأمعاء مباشرة (وهي طريقة فعالة لذوي السمنة المفرطة).
وتكميم المعدة بحيث يُقص ويزال جزء كبير منها يصل الى 85%
أو طيها (كما تطوي كيسا ورقيا) بحيث يصغر حجمها دون الحاجة لقصها..
وكذلك ضع بالون داخل المعدة؛ بحيث يصغر تجويفها وقدرتها على استيعاب الطعام.
.. وجميع هذه العمليات تهدف إلى الحد من قدرة الجسم على امتصاص الطعام وخفض الوزن بشكل طبيعي (وهي بالتالي تختلف جذريا عن عمليات إزالة الشحوم الموجودة أصلا وتعرف بشفط الدهون).. وباستثناء تحويل مسار الطعام تعد بقية العمليات بسيطة نسبيا ويمكن إجراء كثير منها بالمنظار..
وهي ليست فقط أقل خطرا من بقاء السمنة المفرطة، بل ولها نتائج صحية مفيدة للفرد والمجتمع على حد سواء.. ففي أميركا مثلا اتضح أن عمليات تصغير المعدة حمت الخاضعين لها من معظم الأمراض المرتبطة بالسمنة وزيادة الوزن؛ فحسب مجلة "نيوانجلند جورنال أوف ميدسن" خفضت هذه العملية من وفاة البدينين بنسبة 40% ومن الوفاة بسبب السكر بنسبة 92%. وفي دراسة ثانية قامت بها جامعة يوتا ونشرتها نفس المجلة اتضح أن هذه العملية خفضت نسبة الوفاة لدى البدينين لأكثر من 29% مقارنة ببدناء لم يجروها خلال نفس الفترة من العشر سنوات الماضية!
أيها السادة..
قريبا جدا ستصبح عمليات تصغير المعدة (بمختلف طرقها) إجراء طبيا شائعا مثل عمليات تقويم الأسنان التي تجريها فتياتنا هذه الأيام.. وحينها فقط ستتراجع كتب الريجيم وترتفع حسابات الأطباء المتخصصين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق