الأحد، 29 مارس 2020

ظاهرة الدرون


قبل سنوات اختفى صديقنا علي الحازمي (مؤسس سبق الإلكترونية) لعـدة أيام دون سابق إنذار.. لم يعرف أحد مكانه، فظهرت شائعات تراوحت بين اختطافه وسقوطه في بئـر ارتوازية، إلى غيرها من الاشاعات!

وبعد ظهوره، تواصلت أنا معه واتضح لي أنه كان مخيماً في الثمامة يجرب أنواعاً من طائرات الدرون لأغراض التصوير الصحفي. أعجبتني الفكرة واعتبرتها خطوة استباقية ذكية، خصوصاً في ذلك الوقت، لالتقاط الصور من الأعلى..

والدرون اسم يطلق على كل طائرة لا تحمل طياراً ويتم تسييرها عن بعد.. ولكنه في الغالب يطلق على طائرات مروحية صغيرة تحمل باليد وتسير بجهاز لاسلكي خاص.. تعمل بنفس طريقة الهليكوبتر ولكنها تتضمن أربع مراوح أفقية تمنحها ثباتاً وتوازناً وعدم التفاف عكسي..

ورغــم أن طائرات الهليكوبتر صنعت مـنـذ 1942 (بفضل المهندس إيجورسيكورسكي) ورغـم أن الجيوش المتقدمة تستخدمها منذ عقود؛ لم تدخل الدرون حيز الاستخدام المدني المكـثف إلا في السنوات الأخيرة فقط..

واليوم يتم استعمالها في كافة المهام التي تتطلب رؤية الأشياء (من الأعلى).. فبالإضافة لالتقاط الصور ومقاطع الفيديو؛ يمكن استخدامها أيضاً للمراقبة، والتجسس، والبحث عن المفقودين، وتحديد المواقع، ومتابعة الحوادث، وتصوير الأفلام، وإيصال المساعدات والاحتياجات الطبية الصغيرة.. تعمل كـعين في السماء ويستخدمها كل إنسان بالطريقة التي تخدمه..

ومثل أي تقنية جديدة ما تزال حكومات العالم حائرة بخصوص التعامل معها.. ففي حين أصدرت بريطانيا قراراً يمنع الدرون من الاقتراب من المطارات (بعد حادثة مطار جاتويك) تملك كندا منذ تسع سنوات قانوناً يحظر اقترابها لأقل من 6 كيلومترات.. وفي حين تمنع تركيا طائرات الدرون الإعلامية (وتملك فرقة متخصصة لإسقاطها بالرصاص) استخدمتها قناة الــ CNN لـبـث 52 لقطة حية في 2018.. ورغم أن الدستور الأميركي يضمن حرية الإعلام، لا يسمح لطائرات الدرون بالاقتراب من المطارات والقواعد العسكرية دون موافقة رسمية مسبقة..

وبسبب انتشار ظاهرة الدرون، ظهرت تقنيات كثيرة لمكافحتها ومحاولة إسقاطها؛ فبالإضافة لبنادق الشرطة، هناك بنادق ليـزرية، وقذائف مطاطية، ومدافع تطلق شبكات قوية، في حين بدأت الشرطة الهولندية بتدريب الصقور على إسقطاها.. أنا شخصياً؛ لا أؤمن بفكرة إسقاط أي شيء مرتفع..

أعتقد أن الخوف من طائرات الدرون مبالغ فيه، وتكرار لمخاوف غير منطقية رافقت معظم المستجدات التقنيـة (وتذكرون خوفنا من كاميرات الجوال والأطباق الفضائية)..

على العكس تماماً؛ أتوقع أن يملك كل بيت في المستقبل طائرة درون خاصة به تُـحضر المقاضي للمنزل، وترافق الأطفال للمدرسة، وتتابع سيارة العائلة على الطرقات، ويتم إرسالها عند الطوارئ لأي فرد من العائلة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...