الخميس، 19 مارس 2020

السؤال الذي يصعب تجاهله


يبدو أن هناك أسئلة يصعب على الناس تجاهلها..

هذا ما خطر ببالي حين استلمت رسالة إلكترونية يخبرني صاحبها بصعوبة اقتناعه بكروية الأرض ودورانها حول نفسها.. استشهد بشيخ (دعاه الخيبري) أكد استحالة السفر بالطائرة لو كانت الأرض تدور فعلاً حول محورها..

ورغم تفهمي لصعوبة تجاهل الجوانب المنطقية في هذا السؤال؛ لـن استعرض معكم أدلـة كروية الأرض (أو دورانها حول نفسها) ولكنني سألفت انتباهكم إلى أربــع مغالطات فكرية وحسية تتعلق بهذا الموضوع:


المغالطة الأولى: هي أن عدم قناعتك أو فهمك (أو حتى هضمك) لأي فكرة لا يعني أنها غير موجودة.. قناعاتك الشخصية ليست أدلة علمية ولا حقائق مطلقة.. عدم استيعابك لكروية الأرض مشكلة تتعلق بحواسك وقناعاتك ولكنه لا يلغي أي دليل يؤكد كرويتها (مثل تصويرها من الفضاء الخارجي)..


والثانية: حقيقة أن حواس الإنسان محدودة بمحيطه الصغير ولا يمكنها تجاوز مسافة معينة.. جميعنا يشعر بأن الأرض مسطحة لأن قدرتنا على الرؤية قاصرة وعاجزة عن مسايرة انحناء سطح الأرض لمسافات بعيدة.. وضعنا فوق الأرض يشــبة بكتيريا تعيش فوق حبة طماطم تعتقد (من فرط صغرها) أن الطماطم مسطحة حتى النهاية..


أما الفكرة الثالثة: فهي أننا نملك فكرة خاطئة عن طريقة عمل الجاذبية ومفهوم "فوق" و"تحت".. فالأجسام لا تسقط نحو الفضاء، بـل تسقط (نحو مركز الأرض) سواء كنت في النرويج شمالاً، أو أستراليا جنوباً أو اليابان شرقاً.. فالأرض تجذبنا دائماً نحو مركزها، حين نقف فوقها (في أي دولة في العالم) تكون دائماً تحت أقدامنا ونشعر دائماً أنها "تحت...


أما المغالطة الرابعة: فتطلبت مني البحث عن (الشيخ الخيبري) حتى وجدت له مقطعاً على اليوتيوب ينكر فيه دوران الأرض.. استعان بكوب ماء ليثبت أن الأرض ساكنة، وأنها لو كانت تدور باتجاه الشرق، لن تلحقها طائرة تنطلق نحـو الصين مثلاً..

واستدلاله هذا يذكرنا بمعارضة الفاتيكان لنفس الفكرة بحجه أن الأرض (لو كانت ساكنة) لما تمكن السهم من اللحاق بحمامة تطير نحو الشرق (اتجاه دوران الأرض).. ما لم يكن يعرفه الفاتيكان في القرون الوسطى هو مبدأ القصور الحركي.. فحين تتحرك فوقك طائرة ركاب ستشاهدها تنطلق بسرعة 1000 كلم في الساعة.. ولكن لو كنت تسافر (داخل) هذه الطائرة ستشعر أن كل شيء داخلها ثابت ومستقر - وأن كل شيء داخلها يتحرك وكأنها ثابته ومستقرة.. بما في ذلك المضيفات وعربات الطعام..

هذا هو حالنا فوق الأرض.. فرغم أنها تدور حول محورها بسرعة 1,674 كلم، تتحرك الأجسام داخلها بكافة الاتجاهات بنفس سرعتها الذاتية.. نـنام ونمشي ونعيش ونموت (وكأننا ثابتين) في حين أن الأرض تنطلق في الفضاء بسرعة تفوق أي طائرة ركاب..

باختصار؛

الأرض ثابتة بالنسبة لأهلها، ولكنها متحركة بالنسبة للفضاء، وليست استثناء من قوله تعالى: "وكل في فلك يسبحون"..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...