الخميس، 19 مارس 2020

سيدهارتا جوتاما


نسمع عن (البوذية) ولكننا لا نكاد نعرف عنها شيئا..

فـبوذا مثلا ليس اسما لشخص، والبوذية ليست ديانة بل فلسفة..

كلمة بوذا تعني باللغة السنسكريتية القديمة «المستنير» أو الحكيم الذي يدرك الحقيقة من خلال التأمل وكثرة التفكير.. أطلق هذا اللقب على ابـن ملك يدعى سيدهارتا جوتاما أصبح يعرف لاحقا باسم «بـوذا»..

ولد سيدهارتا عام 563 ق.م في مملكة شاكيا (على سفوح الهملايا بين نيبال والهند) ومات عام 483ق.م في سن الثمانين. وبحسب الروايات البوذية ظهرت على قدمه بعد ولادته صورة عجلة فسرها رجال الدين (في الديانة الهندوسية) بأنه سيصبح قائدا عسكريا عظيما أو حكيما دينيا عظيما.. ولأن والده كان يرغب في أن يصبح قائدا عظيما أفرط في تدليله وتلبية رغباته؛ كي يبعده عن مجال الحكمة والتعـبد.. غير أن سيدهارتا كان دائم التساؤل والتفكير والبعد عن العنف والطموحات العسكرية.. حين سمح له والده بالخروج من القصر لأول مرة، شاهد الفقراء والفلاحين، وبدأ يتساءل: لماذا يعانون الفقر والبؤس في حين يعيش هو في الترف والنعيم؟.. لماذا يتعرضون للظلم والاضطهاد في حين ينجو الظالم (بمجرد موته) من العقاب؟

ومن خلال هذه التساؤلات تبنى فكرة «الكارما»؛ حيث يجازى الإنسان عاجلا أم آجلا بنتائج عمله السيئ أو الحسن.. ولأن البعض يموت قبل أن يتحمل نتائج عمله، توصل إلى فكرة تناسخ الأرواح، وعودة الإنسان بعد ولادته في جسد جديد يناسب أفعاله في الحياة السابقة..

وكان والده قـد قرر منحه الملك، ووهبه ثلاثة قصور وعشرات الجواري، ولكنه هرب من كل النعيم، وقرر العيش بزهد وتقشف.. في سن التاسعة والعشرين، أصبح يتجول في الهند كرجل فقير، يبحث عن الحقيقة، حتى توصل إلى ما يعرف بالاكتشافات الأربعة الكبرى.. توصل إلى طبيعة وسبب المعاناة أثناء جلوسه تحت شجرة تين في سن الخامسة الثلاثين.. وخلال السنوات التالية استجاب لدعوته عدد كبير من أتباع الديانة الهندوسية، وأصبح بعضهم رسلا يبشرون بأفكاره وفلسفته.. وظهور الديانتين الهندوسية والبوذية في الهند -وتمازجهما خلال الثلاثة آلاف عام التالية- يفسر اشتراكهما في فكرة الكارما والتناسخ والدارما (أو الترتيب الخفي للطبيعة) وفي الوقت نفسه اختلافهما في مسألة وجود الآلهـة؛ حيث تملك الهندوسية عشرة آلاف إله، في حين تترك البوذية لكل إنسان فرصة التفكير في وجود أو عدم وجود إله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...