الأحد، 29 مارس 2020

بصمات على الصخور


ليست فقط عظام الديناصورات بل وحتى خطوات البشر تمثل سجلاً تاريخياً يـثير فضول علماء الجيلوجيا والأحياء.. أكثر النماذج شهرة -بين المسلمين خصوصاً- هي آثار قدمي "إبراهيم الخليل" الذي طبع على الحجر الذي وقف عليه حين بنى الكعبة.. وقد جاء عن ابن كثير في البداية والنهاية أن آثار القدمين كانت واضحة في الصخر حتى أذهبه مسح الناس بأيديهم. وقال عنه أنس ابن مالك: رأيت المقام فيه أصابعه عليه السلام وأخمص قدميه حتى أذهبه مسح الناس. وحين سئل عنه ابن عثيمين قال "لا شك أن مقام إبراهيم هو الذي بني عليه الزجاج ولكن الحفر الذي فيه لا يظهر أنها أثر قدميه لأن المعروف من الناحية التاريخية أن أثر القدمين زال منذ أزمنة متطاولة"..

وقبل فترة بسيطة قرأت كتاباً بعنوان بصمات على الصخور لباحثة في هذا المجال تدعى جانيت بورد. وكانت جانيت قد تعلقت بـتصوير آثار الأقدام القديمة التي تركها البشر على الصخور وتحجرت بفعل الزمن. ورغم أن معظم الصور التي يضمها الكتاب كانت لخطوات بشرية عادية، هناك صور تشكل معضلة من حيث تاريخها أو موقعها أو تعارضها مع حدث جيولوجي وقع في المنطقة.. أبرز معضلة في الكتاب أتت من ولاية نيفادا مثلاً توجد حمم بركانية متحجرة (خارج مدينة كارسون) تضم آثار أقدام أضخم من أن تنسب للبشر ناهيك عن قدرة أصحابها على السير على الحمم الملتهبة. وخارج ميونخ بألمانيا توجد خطوات لقدم يمنى وحيدة (دون أثر مجار لقدم يسرى) تدعى قدم الشيطان. أما في أردز بسويسرا فتوجد آثار أقدام "قزمة" متداخلة بشكل معقد تدعى ميدان الساحرات (حيث يعتقد الأهالي أنها آثار رقص الساحرات قبل عشرة آلاف عام أثناء اكتمال القمر)!!

أما في إيطاليا فتوجد على سفح بركان كامبانيا آثار أقـدام متحجرة على شكل Z تـشـير إلى ثلاثـة أشخاص هربوا من ثورة البركان وطبعت آثار أقدامهم على الرماد الساخن وبنزول الأمطار تصلب الرماد البركاني وأصبح بصلابة الصخر.

وحسب آخر تقدير تم مؤخراً في جامعة باديافي جنوب إيطاليا يعود عمر هذه الخطوات إلى أكثر من 325 ألف عـام. وهذا الرقم أكبر بكثير من العمر الذي يقدره العلماء لظهور الإنسان الحديث على وجـه الأرض (40 ألف عام فقط)!

أما الأكثر منها غموضاً فهي آثار الأقدام البشرية المكتشفة في تنزانيا ويعود عمرها إلى 3,7 ملايين عام.. ورغم افتراض عودتها لفصيلة دنيا من البشر سبقت ظهور الإنسان الحالي لا يوجد دليـل حقيقي يثبت هذا الإدعاء (وهذا ما يجعلها مشكلة أعظم كونها تتجاوز عمر الإنسان على الأرض بأشواط)!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...