الخميس، 19 مارس 2020

قرشك الأبيض ويومك الأسود


لديك خياران للحصول على المال: إما أن تدخر، أو تسعى لزيادة دخلك.. وهذان الخياران طريقة تفكير تقسم الناس إلى قسمين:

قسم يعيش تحت سقف معين من المصروفات، وقسم يكـسر السقف ويعيش دون حساب للمصروفات..

البعض يُجـبر "وأحياناً يفضل" الادخار والانتظار، والبعض الآخر يسعى لزيادة دخله والخروج من ضيق الحاجة وشح الراتب..

لن أشيد كثيراً بالخيار الثاني لعلمي أن كثيراً من الناس عاجزون عن زيادة دخلهم، ولأن الادخار ذاته أمر مهم للفقراء والأثرياء على حد سواء..

ورغم أهمية الادخار؛ يعني بالنسبة للفقراء المزيد من الفاقة والحرمان "وهذا إن نجحوا في الادخار أصلاً" في حين قـد يعني للأثرياء مضاعفة رأس المال وإعادة تدويره لتحقيق دخل جديد.

المواطن السعودي يعـد من أقـل المواطنين ادخاراً في العالم "مقارنة مثلاً بالمواطن الإيرلندي الذي يدخر19,3 % من دخله" ولهذا السبب أنصحه، ليس فقط بادخار جزء من دخله، بــل عدم التوقف عن محاولة تنويعه ومضاعفته.

أعرف أن كلا الأمرين صعـب، ولكنْ هناك حقيقتان مهمتان قـد تسهمان في تحقيق هذه المهمة المزدوجة:

الأولى: أن شعورنا بالثراء يتولد من التزامنا بتوفير قدر معين من دخلنا أياً كان قدره.. فسواء كان راتبك ثلاثة آلاف ريال أو ثلاثين ألفاً، ستشعر بالثراء حين تنجح في ادخار 20 % منه على الأقل "ولكنك ستشعر بالفقر والحاجة حين تتجاوز مصروفاتك 20 % من دخلك مهما كان قدره"..

أما الثانية فهي أن أصحاب المداخيل المحدودة يملكون فرصة طويلة وكافية لـتنويع مداخيلهم "أثـناء سنوات الوظيفة".. لديك أكثر من ثلاثين عاماً للبحث عن مصدر إضافي قبل دخولك سن الشيخوخة والتقاعد.. لماذا تنتظر وتتشكى وتتوقع من غيرك مساعدتك.. هناك 144 دولة في العالم "من بين 190" لا تتحمل مسؤولية توظيف مواطنيها، وفي المقابل تخيل لو أصدرت وزارة العمل لدينا قراراً بإنهاء خدمات أي موظف يقضي عشرين عاماً في الوظيفـة "كي تمنحها للشباب الداخلين لسوق العمل" ألا تـحاول حينها البحث خلال هذه الفترة عن وظيفة أخرى ودخل جـديـد؟!

وفي جميع الأحوال، مايزال لديك خياران بخصوص المال؛ إما أن تـدخر وتعيش تحت سقف معين، أو تبحث عن دخل إضافي وتكسر ذلك السقف.. لا تحتاج فقط لـرفع قرشك الأبيض ليومك الأسود "كما يقول المثل المصري" بل مضاعفة قرشك الأبيض كي لا يأتي أصلاً يومك الأسود.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...