الخميس، 19 مارس 2020

تحتاج لمنافسين


حين تراجع سير الناجحين والعصاميين، تجد دائماً طرفاً مقابلاً كانوا يتنافسون معه.. فمقابل جرير هناك الفرزدق، ومقابل نيوتن هناك أينشتاين، ومقابل بيل غيتس هناك ستيف جوبز، ومقابل بيليه هناك مارادونا، ومقابل السنباطي هناك محمد عبدالوهاب.

تابعت على قناة «التاريخ» برنامجاً يدعى جبابرة أميركان American titans تستعرض كل حلقة شخصيتين تاريخيتين تتنافسان في مجال معين.. فهناك مثلاً تنافس أندرو كارنيجي مع هنري كلاي على احتكار صناعة الحديد.. وأديسون مع تسلا على توزيع الكهرباء للمنازل.. وجـون روكفلر مع توماس سكوت على احتكار صناعة النفط.. وجوزيف بوليتزر ووليام هيرسنت على احتكار الصحافة.. وفي كل حلقة تكتشف أن كلا الطرفين يتعملقان بفضل تنافسهما - وتتعملق بفضلهما أميركا على بقية العالم.

أمــا في ألمانيا فقرر الأخوان آدي ورودلف داسلر تأسيس شركة لصنع الأحذية الرياضية.. غير أنهما اختلفا العام 1947 فانفصل الأول في شركة دعاها آديداس «بجمع آدي مع داسلر» في حين أسس الثاني الشركة المعروفة باسم «بوما».. وفي حين توقع الجميع أن يتسبب انفصالهما في انهيارهما، تسبب تنافسهما في نمو شركتيهما بسرعة مذهلة.. كانا يتنافسان بشكل محموم ويحاول كل طرف التفوق على المنتجات التي يقدمها الطرف الآخر.. شكل تنافسهما مادة خصبة للصحف وأحاديث الأهالي لدرجة عرفت مدينتهما هرتسوجن بمدينة الرقاب المنحنية كون سكانها ينظرون دائماً لأقدام بعضهم؛ من يلبس أديداس ومن يلبس بوما!

وظهور هذه الثنائيات ليس من قبيل المصادفة كونهما نتيجة لبيئة ودوافع مشتركة، ووجود أحدهما يشجع الآخر على الظهور والتفوق والاستمرار في المنافسة..

لهذا السبب نحتاج جميعنا إلى منافس يُـشعل فينا دافـع التفوق والاستمرار.. حين لا تملك منافساً لا تملك سقفاً تحتاج لتخطيه.. حين لا تملك منافساً تفقد الرؤية وتكتفي بأي نتيجة.. تركن للنجاح وتقتل روح التجديد والابتكار.. تسعد بموقعك ولا ترى في الأفق من يهدد مكانتك.

تحتاج لمنافس كي تخاف على مستقبلك ونجاحك ومصدر رزقك.. تحتاج لمنافس كي لا تطمئن لإنجازك أو تغتر بموقعك وتعتقد أنك فريد زمانك.

لا يجب أن تخشى المنافسة الشريفة لأنها من تبقيك متحفزاً وتحثك على التقدم للمركز الأول.

المنافـس النبيل هو من يجعلك تأخذ الأمر «على محمل شخصي» وتعـتقد أن كرامتك على المحك!

إن لم يكن لديك منافس، فـاخلقه من العدم؛ لأن تراجعك للمركز الثاني أفضل من وفـاتك في المركز الأخير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...