هل يمكن توقع شكل حياتنا أو التقنيات التي سنستعملها بعد 26 عاما من الآن؟
هل تخيلت نفسك تعيش فترة كافية تشاهد فيها بنفسك نبوءاتك تتحقق على أرض الواقع؟
شاهدت أخيرا لقاء تلفزيونيا مع كاتب الخيال العلمي آرثر كلارك (صور في أستراليا عام 1974)، يعبر فيه عن تصوره للمستقبل، وكيف ستكون حالة المجتمع عام 2001، ومن المدهش فعلا أن جميع ما قاله - لم يتحقق فقط - بــل تجاوزناه اليوم (وشاهده كلارك بنفسه قبل وفاته عام 2008).
وآرثر كلارك عالم ومخترع بريطاني، وهو أول من قدم فكرة الأقمار الاصطناعية في أربعينات القرن الماضي. تـنبأ - ليس فقط بظهور شبكة الإنترنت - بل توسعها لدرجة وصولها إلى مرحلة الوعي والذكاء المستقل.
ورغم ذلك لا تزال هناك نبوءات كثيرة لكلارك لم تتحقق، ويتعلق معظمها بسفر الإنسان إلى المجرات البعيدة، ودخوله في معارك مع مخلوقات أكثر منه تقدما، (وهي أفكار شكلت محور ملحماته الفضائية الأربع 2001 و2010 و2061 و3001 التي تحولت إلى سلسلة أفلام حرب النجوم).
وفي هذه الروايات بالذات نلاحظ أن كلارك تبنى فكرة خروج الإنسان عن نطاق كوكبه ومجرته، ولعبه دور المهاجم والمستكشف لجنبات الكون.. فـمعظم الروايات الخيالية قـبله كانت تتمحور حول حضور وهبوط وهجوم المخلوقات الفضائية على الأرض، واتخاذ الإنسان دور المدافع أو المهزوم أمامها، (ومثال ذلك رواية "حرب العوالم" للكاتب الإنجليزي هربريت ويلز)!!
وبين موقفي الدفاع والهجوم هناك فكرة ثالثة - أقل عنفا - تدعي أن الإنسان ذاته "كائن فضائي" نزل على كوكب الأرض في وقت متأخر بعد انقراض الديناصورات بستين مليون عام.. وهو موقف يختلف عن مقاومته للمخلوقات الفضائية (كالذي شاهدناه في حرب العوالم) أو غزوها في عقر دارها (كما في أفلام حرب النجوم).. وأشهر أنموذج لهذا الموقف رواية "عربات الآلهة" للسويسري فون دايكن عام 1967 وترجمت إلى 26 لغة.. ظهرت باللغة العربية من خلال كتاب الذين هبطوا من السماء (لأنيس منصور)، وتتحدث عن مخلوقات غريبة لجأت قبل عشرة آلاف سنة إلى كوكب الأرض، الذي يناسب تكوينهم البيولوجي؛ هرباً من حروب نشبت بين كواكب المجرة وشكلت أصل الإنسان الحديث.
ورغـم غرابة الفكرة؛ تـذكر دائما أن آدم وحواء هـبطا فعلا من السماء، وأن ذريتهما استعمرت الأرض بعد انقراض سلالات بشرية سابقة سفكت الدماء وعاثت فيها فسادا.
"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق