هل يمكن تخمين حالتنا الجسدية والنفسية اعتمادا على دورات داخلية لاحظتها بعض الشعوب قبل قرون؟
هل ادعاءات الأبراج (التي لا أصدق بها شخصيا) لا تعتمد في ذاتها على النجوم بل على تتبع التواريخ والفصول والظروف التي ولدنا فيها؟
هل صحيح مثلا أن الأدباء والعباقرة والفنانين يولدون في فصول معينة من العام (كما فصلت ذلك في مقال سابق) وأن أمزجتنا بوجه عام تتفق مع تواريخ ولادتنا؟!
هذا الكلام مجرد مقدمة لظاهرة تنبه لها لأول مرة طبيب الماني عاش قبل 114 عاما؛ فقد خرج ويلهيم فلييز بنظرية تفيد بوجود دورات حياتية (عديدة ومختلفة) يمر بها كل إنسان .. فمن المعروف أن هناك دورة رحمية تمر بها المرأة كل "28" يوما؛ لكن الدكتور فلييز اكتشف أن هناك دورة فيزيولوجية يمر بها كلا الجنسين تتكرر كل "23" يوما، ودورة عقلية تتكرر كل " 33 " يوما ، ودورة انفعالية تتكرر كل "28" يوما، ودورة شعورية كل " 26" يوما..
وإذا تصورنا هذه الدورات كرسوم بيانية سنجدها ترتفع عاليا في ايام معينة ثم تنخفض الى الحضيض في أيام أخرى. فحين تبلغ الدورة الانفعالية (مثلا) قمتها تغلب علينا "النرفزة" وسرعة الغضب، وحين تنخفض يغلب علينا التسامح "وطولة البال" ..
ورغم أن هذه الدورات تمر وتتقاطع بمواعيد مختلفة يكفي لتتبعها معرفة تاريخ الميلاد فقط حسب المؤمنين بها. وحاليا يمكن اظهار إيقاعات وتقاطعات هذه الدورات بواسطة آلة إلكترونية صغيرة (تشبه الآلة الحاسبة) تسمى "كوزمس"..
واليوم تطورت نظرية فلييز لدرجة الادعاء بأن حالة الانسان لا تتأثر فقط بارتفاع او انخفاض كل دورة؛ بل وأيضا بتوافق او تعارض هذه الدورات مجتمعة؛ فمشاعر الكآبة والخمول والإحباط تبلغ ذروتها حين تنخفض "الخطوط البيانية" للدورات النفسية في حين نشعر بالتفاؤل والنشاط والغبطة حين ترتفع لدينا دورتين او أكثر..
وللتأكد من هذه العلاقة راجع البروفيسور هارولد ويلس من جامعة داكوتا ملفات المتوفين من مرضى القلب فلاحظ أن أكثر من نصفهم توفي في التقاطعات الحرجة لدوراتهم البيولوجية . ثم راجع سجلات المنتحرين فلاحظ أن معظمهم توفي أثناء انخفاض دوراتهم النفسية.
وبناء على ملاحظات البروفيسور ويلس استعانت شركات التأمين ببرامج وآلات حاسبة صحية للتأمين لتخمين حالة العميل ووضعه الصحي كما عمدت شركات أخرى إلى قصر الإجازات على "الأيام الحرجة" التي يمر بها كل موظف!!
ورغم اعترافي بأن مشكلات الحياة، وظروف العمل تلعبان في حياتنا دورا كبيرا وواضحا؛ إلا ان الدورات الداخلية (في حال ثبت وجودها فعلا) هي من يحدد مواقفنا وطريقة تعاملنا مع المؤثرات الخارجية..
وما يهمني اليوم فعلا هو التنبه إلى احتمال وجودها داخلنا وتأثيرها علينا فعلا.. فهذا بحد ذاته سيفسر لنا الكثير، ويوفر علينا الكثير، ويمنحنا فرصة الاستعداد مسبقا للتعامل مع أي دورات نفسية وجسدية من هذا النوع .. وأكاد اجزم أنك شخصيا جربت اوقاتا تكون فيها في قمة نشاطك وتألقك الذهني وأياما تكون فيها محبطا متخاذلا .. بلا سبب واضح !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق