الأربعاء، 18 مارس 2020

(لي كوانيو) السعودية


أصبحنا نعيش حالة انتظار دائمة للمشروعات التي سيعلن عنها ولي عهدنا الشاب الأمير محمد بن سلمان.. أصبحنا نتوقع - بين الحين والآخر - سماع مبادرات استراتيجية أو شراكات دولية تشي بالمستقبل الجديد للمملكة.. في زيارته الأخيرة لأميركا فقط سمعنا عن حزمة من المبادرات والاتفاقيات العسكرية والمدنية - كان من بينها إنشاء أضخم مشروع للطاقة الشمسية في العالم.. أصبح معظمنا على قناعة بأن هذا الشاب سيترك بصمة في تاريخ البلاد، وسيكون بمثابة مهاتير محمد، أو بارك شونج، أو لي كوانيو السعودية...

فــرئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد يعـد أنجح رئيس وزراء في العالم.. فخلال 40 عاماً من رئاسته انخفضت نسبة الفقر بين شعبه من 52 % إلى 5 %، وارتفع متوسط دخل المواطن بنسبة 700 %، في حين انخفضت نسبة البطالة من 63 % إلى 3 % فقط...

أما رئيس الوزراء الأسطوري لي كوانيو فـنقل سنغافورة من دولة متخلفة تستوطنها الملاريا إلى دولة صناعية متقدمة خلال جيل واحد فقط (تتمتع برابع أكبر رصيد تجاري رغم عدد سكانها الذي لا يتجاوز الخمسة ملايين)...

أيضاً هناك بارك شونج الذي حول كوريا الجنوبية لدولة متقدمة بعد أن كانت مدمرة تماماً (لدرجة قال عنها الجنرال الأميركي بول مكارثر: ليس لهذا البلد مستقبل حتى بعد ألف عام).. ولكنها خلال جيل واحد قفزت إلى المركز الخامس عشر في قائمة أضخم اقتصاديات العالم والمركز الخامس في قائمة أكبر المصدرين...

... المدهش أن لكل دولة من هذه الدول قصة نجاح مشتركة، أمسك بخيوطها رجل واحـد.. فهي مثلاً امتلكت - منذ البداية - زعماء براغماتيين لا تهمهم الأيديولوجيا، ولم ينشغلوا بغير تنمية الوطن ورفاهية المواطن.. ساعدهم في ذلك البدء في سن صغيرة، وتوليهم السلطة لفترة طويلة، منحتهم فرصة تطبيق تصوراتهم (البعيدة).. مهاتير محمد مثلاً تولى رئاسة البلاد طوال أربعين عاماً (عاصر خلالها ثمانية ملوك لماليزا).. أما لي كوانيو فقضى فترة مماثلة واستمر حتى بعد استقالته رئيساً شرفياً للبلاد (حتى وفاته العام 2015). أما بارك شونج فرغم أنه جنرال عسكري انقلب على النظام البرلماني العام 1962، كان همه الأول صعود كوريا الجنوبية لمستوى الدول الصناعية - وتحقق له ما أراد فعلاً قبل اغتياله العام 1979 ...

... وبعزيمة مماثلة سندخل - بحول الله ومشيئته - في تحول نوعي مشابه خلال العقود القليلة القادمة.. سنحقق معجزة صناعية واقتصادية مماثلة على يـد ولي عهدنا الذي لا يتميز فقط بروح الشباب بل وامتلاكه رؤية واضحة لما يجب أن تكون عليه المملكة بعد عشرين وأربعين عاماً من الآن.. كل من استمع إليه يدرك امتلاكه خططاً مدروسة لكيفية صعودنا لمصاف الدول المتقدمة، وأن ما يراه معظمنا مستحيلاً يراه هو ممكناً بالعزيمة والتخطيط السليم - بدليل نجاح خطط التحول في النمور الآسيوية..

... وبالطبع؛ هناك من سيدعي أنها «مجرد كلام» لـولا النمو المضطرد في اقتصادنا غير النفطي، وصعودنا إلى المركز السابع عالمياً في فعالية الإنفاق الحكومي، وانتقال كثير من المشروعات (التي كان يتكلم عنها قبل ثلاثة أعوام) إلى حيز التطبيق والتـنفـيذ..

أتمنى لمصلحة أبنائي وأبنائك أن يصبح ولي عهدنا الشاب (لي كوانيو السعودية)، ويدخل اقتصادنا بفضله مرحلة تحول جديدة تعتمد على اقتصاد المعرفة، وتوطين التقنية، وتصدير المنتجات المتقدمة - والاستغناء نهائياً عن تصدير النفط والمنتجات الخام...

وفي المقابل؛ أتمنى (مـمن لا يدركون أهمية التحـولات النوعية في حياة الشعوب) ألا يقـفـوا في وجـه الحـلم، وأن لا يشككوا فيه معـتقدين أنه لا يحصل إلا في سنغافورة وماليزيا وتايوان وكوريا الجنوبية...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...