طموح الإنسان لبرمجة أحلامه -ورؤية ما يريد خلال النوم- قديم قدم النوم نفسه. غـير أن هـذه الرغبة -على بساطتها ووضوحها- ظلت مستعصية على التحقيق.. حتى وقت قريب.
ففي أكتوبر الماضي أنهى فريق من جامعة هارفارد دراسة فريدة لبرمجة الأحلام ومحاولة رؤية ما نريد خلال النوم. وقاد الفريق الدكتور روبرجولد الذي طلب من 17 متطوعاً مزاولة مجموعة من ألعاب الكمبيوتر لوقت طويل قبل النوم. وكانت الألعاب موحدة ومشتركة وتضم عناصر يمكن تمييزها خلال الحلم.. والفكرة هنا هي الوصول لمرحلة التشـبع من سيناريوهات وأحداث معينة ثم قياس نسبة ظهورها في أحلام المتطوعين.
وبعد ثلاثة أيام من الممارسة المتواصلة -والمتماثلة- اتضح أن الواقع الحياتي المشترك يعطي أحلاماً مشتركة بنسبة أكبر -حيث أفاد 60% من المتطوعين أنهم رأوا نفس العناصر والأحداث في أحلامهم-. كما اتضح أن الأحلام المستمدة من سيناريو الألعاب تزايد عددها بالتدريج حتى وصلت أقصاها في الليلة الثالثة وهو ما يؤكد حاجة المخ لفترة معينة حتى تطغى عليه فكرة وحيدة -وهو ما يفسر استيقاظنا صباحاً وفي رؤوسنا فكرة قديمة أو لحن جميل يـتكرر بإصرار-. كـمـا ثـبت أن من حققوا نتائج سيئة في بعض الألعاب حلموا بها بنسبة أكبر ممن حققوا فيها نتائج عالية -وهذه النتيجة تؤيد الفرضية التي تقول إن المخ يستمر بالتعلم وتصحيح أخطائه خلال النوم الأمر الذي يفسر لماذا نستيقظ ذات صباح وقد وجدنا حلاً لمشكلة عويصة عجزنا عن حلها الأسبوع الماضي!-.
غـير أن نتائج الدراسة بمجملها لا تفسر نوعاً خارقاً من الأحلام والرؤى التي نرى خلالها أحداثاً وكوارث تقع في المستقبل.. -ولمثل هذه الأحلام اقترحت في كتاب حول العالم إنشاء مركز للتنبؤات المنامية عطفاً على حقيقة أن معظم الكوارث المشهورة شوهدت في أحلام الناس قبل وقوعها بقليل-.
ورغــم أن هذه النتائج تبدو بديهية لمعظم القراء إلا أن علماء هارفارد حاولوا من خلالها الخروج بإجابات واضحة حول كيفية توجيهنا للأحلام المرادة.. فعلى سبيل المثال إلى أي مستوى يجب أن تستحوذ علينا فكرة معينة حتى تظهر في الحلم؟!. وما هي الفترة الزمنية التي تحتاجها قبل تجسدها بشكل واضح؟!. وهل يتكرر الحلم نفسه بتكرر الظروف ذاتها؟!. وهل يمكن للمؤثرات الخارجية -الكهربائية أو المغناطيسية مثلاً- التـأثير على أحلامنا الخاصة أو صنعها من لا شيء؟!.
من شأن الإجابة على هذه الأسئلة مساعدتنا في ابتكار طريقة -أو ربما جهاز يتصل بالجمجمة- يتيح لنا مستقبلاً برمجة أحلامنا ورؤية ما نريد قبل استيقاظنا، وفي هذه الحالة فقط يمكنك المبيت الليلة في سويسرا وغداً في باريس وبعد غدٍ في غابات افريقيا أو الأمازون.. وفي حال كنت من "أصحاب الرواتب" ستكون اليوم وزيراً وغداً أميراً وتعثر بعد غدٍ على مملكة النساء حيث لا يوجد رجل غيرك. أما إن كانت لديك اهتمامات أكبر فـيمكنك برمجة "الجهاز" للتنقل عبر الزمن ومشاهدة أحداث التاريخ ومقابلة عظمائك المفضلين، بـل والمشاركة في المعارك الكبيرة دون الإصابة بضربة سيف أو رمية سهم أو طعنة خنجر ثم تقوم من فراشك -لا مؤاخذة- كما يقوم البعـير!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق