في حياة كل انسان قصة غريبة يتحاشى ذكرها خوفا من السخرية أو الاتهام بالكذب.. أنا شخصيا يصعب علي تصديق خوارق تخالف قوانين الطبيعة ولكنني - في المقابل - لا أملك حق اتهام أحد بالكذب والتلفيق.. لست ساذجا ولا متحجر الرأس وأعتقد أنه من حقي مطالبة الآخرين بالدليل (أو على الأقل شهود) يؤكدون ادعاءه الخارق..
غير أن مشكلتي اليوم معاكسة تماما.. فأنا اليوم في موقف من يخبركم بقصة خارقة دون أن أملك دليلا على وقوعها (باستثناء شاهد واحد يدعى عبدالله ظاهر)..
قصة تذكرتها مؤخرا حين سألني أحد القراء عن أغرب ظاهرة خارقة مرت بي..
فقبل ثلاثين عاما على الأقل كنا نتجول ليلا في طرقات جدة حين رأينا شيئا غريبا يلمع في السماء.. لم يكن طبقا طائرا بل شيئا نعرفه كلنا وشاهدناه مرارا وتكرارا (طائرة بوينج 747)!
الغريب أنها كانت معلقة في الهواء وثابتة فوق رؤوسنا بلا حراك.. حينها كنا نسير بسرعة كبيرة فاختلط علينا الأمر (من فينا الساكن ومن فينا المتحرك؟). وبسرعة طلبت منه التوقف تماما كي اتأكد ان كانت فعلا ساكنة في الهواء. وبالفعل خفف سرعة السيارة حتى توقفنا تحت الطائرة بالضبط.. شاهدنا اسفلها بوضوح بما في ذلك العجلات ــ التي كانت في وضع الهبوط ــ وفلاشات الجناح والمقدمة ..!
اذكر حينها ان الدهشة منعتنا من الكلام لفترة طويلة ثم بدأ كل منا يسأل الآخر "شـفت الليّ شفـته"؟
وفي الاسبوع التالي عـدنا الى جدة وبتـنا عند صديق مشترك. وهناك حدثت مضيفنا عن الطائرة المعلقة، وياليتني ما حدثته.. فقد بدأ يسخر مني ويزايد على روايتي قبل أن يستدرك نفسه ويقول: "حتى لو صدقتك ماكل ما ينشاف ينحكى".. ومن يومها تعلمت الدرس واحتفظت بالسر لنفسي!
.. ولكن ما الذي تغير اليوم وجعلني افضح السر على "صفحات الجرائـد"!؟
أعتقد أنني وجدت تفسيرا مقبولا لما حدث.. وسمعت أشياء مشابهة لما حدث!
فهناك ظاهرة جوية نادرة تسبب انعكاس الأجسام على السحب.. فالسحب في ظروف جوية معينة يمكن أن تعمل كمرآة عملاقة تعكس الاشكال الموجودة على الارض. وقد تنعكس صور الاجسام مرارا وتكرارا حتى تنتقل الى مسافات تبتعد كثيرا عن مكانها الاصلي..
واذا عدنا للتاريخ نجد روايات كثيرة قد يكون لها علاقة بهذه الظاهرة؛ فالاساطير اليونانية مثلا تذكر ان اهل اثينا شاهدوا جيش قورش الفارسي منعكسا على السحب قبل وصوله بزمن طويل. ويضم التلمود وصفا لجيوش تتعارك بين السحب وصراعات عنيفة بين الملائكة والشياطين. كما تتحدث كتب الهندوس عن رؤية حيوانات غريبة تعيش بين السحب وتختفي حين تبزغ الشمس.. بل وجدت في أرشيف صحيفة عكاظ خبرا عن حادثة وقعت في شهر رجب عام 1418هـ بعد خروج المصلين من المسجد النبوي.. كانت ليلة غائمة رأى فيها الناس أنوار ومنارات الحرم النبوي فوقهم (في السماء) وصرح حينها أحد المسؤولين للجريدة انها انوار الحرم انعكست على السحب في ظروف استثنائية شاهدها الناس..
وفي الحقيقة قد يكون لهذه الظاهرة الفضل في دخول اوروبا المسيحية وتحول الامبراطورية الرومانية الى الدين الجديد؛ فمن المعروف ان المسيحيين الأوائل واجهوا اضطهادا شديدا من القياصرة الرومان. ولم تصبح المسيحية الدين الرسمي للإمبراطورية إلا بعد تحول قسطنطين الأكبر الى النصرانية عام 312م. اما سبب تحوله المفاجئ فيعـود الى انه رأى ذات يوم قسيسا يحمل صليبا ضخما ينعكس على السحاب. وقد اعتبر رؤياه معجزة فآمن واطلق سراح النصارى واعلن المسيحية دينا للدولة!
.. بالطبع أنـا وصديقي لم يكن لقصتنا نتائج تاريخية كبيرة.. كانت مجرد سحب، وارض مبلـلة، وطـائرة معدنية، ومطــار قــريب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق