الخميس، 10 ديسمبر 2020

سجلك الائتماني .. أبيض أم أسود

 حين كنت في سن المراهقة، كانت بطاقة الفيزا والماستركارد بمنزلة حلم كبير.. كانت حينها شيئا عزيزا وامتيازا لا يناله غير الأثرياء، ولكنني لاحظت أنني كلما تقدمت في العمر انهالت علي عروض البطاقات المجانية - ناهيك عن القروض البنكية - دون أن أطلبها.

وفي المقابل، أعرف قريبا في السن نفسها، لم يقـبل أي بنك منحه أي بطاقة أو قرض منذ 30 عاما بسبب (سواد) سجله الائتماني.. لم يعـد التعامل معه مضمونا أو مأمونا، في حين تحولت أنـا إلى بقرة حلوب يتسابق نحوها الجميع.
ما لا يعرفه معظمنا أننا نملك سجلا ائتمانيا يمكن للبنوك والمؤسسات والجهات الرسمية الاطلاع عليه، فالقرض الذي تهربت منه، والأقساط التي لم تسددها، والإيجار الذي لم تـدفعه، ومستحقات البطاقة الائتمانية، جميعها "نقاط سوداء" تتراكم في سجلك الائتماني، وتحذر (الآخرين) من التعامل معك.
إن كانت هذه المعلومة جديدة عليك، ما عليك سوى إدخال رقــم هويتك في موقع "سـمة" www.simah.com، لتشاهد كامل سجلك الائتماني (وسمة، هو الاسم المختصر للشركة السعودیة للمعلومات الائتمانیة). في حال كان أسـود، سيدمر هذا سمعتك المالية وفرصك الاستثمارية في سـن مبكرة.. وسيمنع عنك أي تسهيلات وتعاملات وعروض مستقبلية، لأن كل من تلجأ إليه سيطلع دون أن تدري على تقريرك الائتماني. وهذه العلاقة تبدو أكثر وضوحا في الدول، التي سبقتنا في الاحتكام إلى هذا السجل، ففي أمريكا مثلا، السبب الأول للتشرد والبطالة، هـو إساءة الإنسان لسجله الائتماني.. قد يبدأ الأمر بخطأ بسيط، مثل: التهرب من دفع إيجار الشقة لشهرين أو ثلاثة، فـيوضع اسمه في قائمة سوداء خاصة بملاك العقارات. ومن هنا، تبدأ عملية رفضه في كل مرة يحاول فيها السكن في منزل جديد.. ليس هذا فحسب، بـل ويصبح من الصعب توظيفه أو إقراضه، لأن البنوك والشركات تتخوف بدورها من مسألة تهربه من التسديد، فكيف بحالات الاختلاس والرشوة.
وعقبة بعد أخرى، تغلق في وجهه جميع الأبواب، الأمر الذي يفسر ارتفاع نسبة الانتحار وإدمان المخدرات بين المسجلين في "القوائم الائتمانية السوداء".
وفي المقابل، "السجل الأبيض" يؤكد ليس فقط نزاهة صاحبه، بـل قـدرته على تسديد الالتزامات والمستحقات المطلوبة منه، وهذا بالضبط ما تريد البنوك التأكد منه.
ولهذا السبب، أنصح الجميع بالاهتمام ببياض سجلهم الائتماني في وقــت مبكر من حياتهم.. فالسمعة المالية توثق بدقة هذه الأيام، وتتحول بسرعة إما إلى "عقبة" تغلق أمامك الأبواب، أو "ميزة" تفتح أمامك الأبواب كافة، بما في ذلك تمويل مشروعك الخاص.
فــقـط، لا تنس إدخال رقم بطاقتك في موقع "سـمة".. وأكاد أجزم أن أغلبكم سيفاجأ بالنتيجة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...